تونسي دفعة واحدة أو لا أكون .. أفكار ثورية في معهد العالم العربي

باريس – ألفة قدارة ( خاص )
تونسيّ  مرة واحدة  
تونسي دفعة واحدة أو لا أكون
أكتب الان نشيدي بدمي
لشهيد كان صوتي وفمي
كنت أسمع صدى هذه الأبيات الشعرية للشاعر  التونسي محمد الصغير أولاد احمد، وأنا في ذلك الفضاء الجميل بمعهد العالم العربي  الذي خُصص لتكريم تونس الفائزة بجائزة نوبل للسلام لسنة ٢٠١٥ .
كان التصفيق الحار يعيدني الى الواقع ، فيما كانت أبيات أولاد أحمد تسحبني الى ذات شتاء ، انتفض فيه التونسيون لإعلان نهاية الاستبداد السياسي ..
في هذه القاعة الباريسية ، اجتمع الرباعي الراعي للحوار في تونس بسياسيين ومثقفين واناس من جنسيات مختلفة آمنوا أن تونس ذلك البلد الصغير مساحة، هو كبير بما قدمه من دروس مضمخة بدماء التضحية وبعذابات الوطن .
القاعة الباريسية أيضا امتلأت بتونسيين وتونسيات تقرأ في عيونهم فخرا واعتزازا بالانتماء الى هذا الوطن الذي يصارع كل يوم .
فيدفع أبناؤه من دمائهم ثمنا باهضا..
تونسي مرة واحدة ..
تونسي دفعة واحدة أو لا أكون  
أكتب الان نشيدي بدمي
لشهيد كان صوتي وفمي
تأبى الأبيات أن تتركني أستمع الى الكلمات التي جاء الرباعي الحائز على الجائزة لتذكير الحاضرين بها .. لعله ملل التونسيين من الخطابات الانشائية والكلمات الفضفاضة أمام حقيقة الواقع ومرارته أحيانا .. لعله ايضا الإيمان القاطع أن هذا التكريم ليس  الا رسالة تقدير للشعب التونسي بأسره .. هذا الشعب الذي ابتلي في أبنائه مرارا وحافظ الى حد كبير على لحمته وصموده ..هذا الشعب الذي ضحى ولا يزال بجنود يفترشون الارض ويلتحفون السماء للذود عن الوطن .. هذا الشعب الذي غدر في ثورته فكاد أن يفقد الأمل في ملحمته التي خطها ذات يوم من أجل مواطنة كريمة .
نوبل للسلام ٢٠١٥ ليست نهاية في حد ذاتها .. هي بداية .. بصيص أمل جديد يذكي شعلة خبت بسبب مكر الماكرين ومخططات الارهابيين . هي صفعة لنا جميعا لتذكيرنا بتقاعسنا في ضمان الكرامة للأحياء وواجبنا في صون ذكرى الشهداء .
الأفكار تتزاحم ، والأسئلة تزدحم في رأسي .. والقاعة يسودها سكوت وهدوء … ليترك المجال لصوت عبير النصراوي الملائكي تصدح .. أنا حرة .. وتونس حرة
تعتريني قشعريرة ، ويغمرني أمل .. أحلامنا لن تموت ..  بل إننا سنحيي أحلامنا الموؤودة طالما في القلب نبض للوطن .