- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مجزرة باريس: الخاسر والرابح

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

مأساة كبيرة تعيشها فرنسا منذ ١٣ نوفمبر. مجزرة إرهابية أطاحت بأحلام ١٢٩ فرنساً وفرنسية ورمت عائلاتهم وأحبابهم وأصدقائهم في حزن عميق، وأدخلت ٢٩٣ فرنساً وفرنسية من الجرحى في مسار مشافي وعاهات دائمة، ورمت الشعب الفرنسي في وادي التساؤولات حول أسباب هذا الكره الذي انصب على مدينة النور بقوة إرهابية عنيفة وكريهة.

مأساة كبيرة سيذكرها التاريخ كما ذكرها الهجوم الإرهابي على برجي التجارة في نيويورك في« ١١/٩ » وسيشار إليها بـ«١٣/١١». ولكنها ستدخل التاريخ الفرنسي والعالمي… لتصبح حدثاً.

في قراءة استشفافية لهذا الحدث لنبحث من هو الخاسر ومن هو الرابح من هذه المأساة؟

بين الخاسرين يمكن اعتبار الخاسر الأكبر «الإسلام» كدين لما يزيد عن ملياري مواطن على الكرة الأرضية وما يزيد عن ٦ ملايين مواطن فرنسي. يستطيع الرئيس الفرنسي هولاند ومعه كل الذين أصدروا بيانات استنكار، أن يميزوا بين «داعش» وبين «الإسلام»، يستطيع هولاند أن يقول« لسنا في حرب مع أي دولة أو معتقد ولا مع الإسلام»، يستطيع مفتي مصر ومعه كل علماء الإسلام أن يستنكروا  أفعال  «داعش» الإرهابية وتسمية «الدولة الإسلامية»… ولكن هذا لن يمنع العديد من الـ ٥ مليار نسمة على الكرة الأرضية وعدد لا بأس به من المواطنين الفرنسيين من ربط أعمال داعش بـ… الإسلام، وأن تولد أعمال داعش الإرهابية أفكاراً معادية للإسلام وللعرب.

كتب كثيرة في فرنسا وفي الغرب تؤجج هذه العنصرية المتصاعدة ضد الإسلام العرب لتجعلهم أكبر الخاسرين من هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية التي لا دخل لهم بها.

مع العرب والمنواطنين المسلمين في فرنسا وأوروبا يوجد «خاسر رديف» هم المهاجرون أيا تكن ديانتهم. فالأعمال الإرهابية ترتد على «الغريب» لأن المواطنين في بلد مستهدف يصبح تصرفهم كتصرف «عشيرة» وفي الأزمات الدامية خصوصاً الإرهابية العمياء يصبح «الأمان رمزًا لوحدة العشيرة» وبالتالي تسلط الأعمال الإرهابية على انعدام الأمن فيسعى أفراد العشيرة إلى استبعاد «الغرباء» حتى ولو كانوا مواطنين أو مقيمين بصورة شرعية. ما يجعل من اليمين المتطرف العنصري الرابح الأكبر من دون أي منازع.

في فرنسا يكفي الاستماع إلى مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية في أول مداخلة لها بعد ليلة الرعب لنرى أنها استهدفت المسلمين والمهاجرين الشرعيين وطالبت بشكل مباشر بطرد المهاجرين غير الشرعيين. الانتخابات المناطقية في مطلع الشهر المقبل وهجوم داعش الإرهابي على باريس هو أكبر هدية يمكن أن تقدم إلى اليمن المتطرف الذي تضعه استفتاءات الرأي في مقدمة الرابحين.

بين الخاسر الأكبر والرابح الأكبر سيدفع الهاربون من أتون الحروب في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان، والمتعطشون للقمة العيش القادمون من أفريقيا وبلاد فقيرة بعيدة، سيدفعون ثمناً باهظاً كردة فعل على إرهاب داعش: ستقفل الحدود …لا بل هي أقفلت. وإقفالها يعلن اليوم نهاية «عهد الحدود المفتوحة والعولمة».