- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فقدتُ الشعور بالغضب..

منة اللهمنة الله

من أين أبدأ؟ الأفكار تتسارع.. وتيرة العالم تتسارع.. هوليوود لا تبالغ، حين يقف Di Caprio لوهلة، في مشهد لا يكون نادراً، السيارات بسرعة الضوء.. المارة عبارة عن لون و ضجيج .. و نبضات القلب تتباطأ … تُسمع جيداً … دي كابريو ليس بخارقٍ .. و لا هو يعاني من الفصام … كما يعتقد البعض … إنما هي مؤثرات ابتدعتها هوليوود … . مؤثرات شهدناها في المشاهد الأكثر دموية … تتساءلون ما علاقة ذلك بعنوان المقال.. هي فلسفة الكاتب لا أكثر، قليل من الفودكا، و كثير من الكلام الفارغ.. أجدُني لا أقوى على تصويب مسار الكتابة و كل شيء يتداعى حولي.. عادة أفضّل المواقف البطولية .. لأنني أفتقدها.. عادة لا أضع الخَيار للعبارات كي تختار كلماتها بنفسها … بل كغيري .. أفكّر ملياً.. بكل كلمة .. و كل عبارة.. أبتكر، أنمّق، أتصنّع، أبتدع.. ثم كل الأفعال المرادفة التي قد تخطر ببالكم- العربية لا تخضع للسيطرة- و أُوجد نصاً شبيهاً لكل النصوص، أفكار متراصة .. أو متففكة.. الضدان يتطابقان.. في النص .. ثم يختلقان عند الفعل.. ما علاقة كل ذلك بالعنوان؟ لا تقلقني باريس، و المداهمات في باريس .. لا تثير ريبتي تصريحات هولاند .. أو بطولات بوتين .. و فيديوهات الدولة “المتأسلمة” و ردود الفعل .. و المقالات و التحليلات … كل ذلك لم يعد يعنيني.. فقدتُ الشعور بالغضب.. الغضب الذي يرتشفه الواحد منا، في الصباح الباكر، مع حبوب البنّ المستوردَة.. الغضب اليومي إياه الذي يدفعك لإطلاق شتائم، إن فكرتَ بها ملياً .. هي مضحكة.. الغضب الذي حرّر نصوصاً .. ليتها بقيت على الورق..و اكتفى بتحرير النصوص … لأنّ الأرض لا يُكتبُ عنها حين تصبح محَرّرة.. و كذلك العقول المرتَهنة .. تبقى مرتهنة حتى يكفّ الورق عن احتمال الورق .. القتال لا يعني أن نغضب بصوت مرتفع.. الحرب لا يحركها الغضب … الغضب نفسه الذي دفعني لكتابة مقالات منذ أعوام لا يحرك معركة .. لا يقود معركة …. بل إنه أمر أخر.. الأمر نفسه الذي أوقفني عن الكتابة ثلاثة أعوام … إنه الملل… أن يغضب المرء .. هذا يعني بأنه وُجِد ليغضب … أما أن يوجد المرء كي يقضي سنوات من الملل … بانتظار نقطة التحول تلك .. التي حدثونا عنها حين كنا نكتب نصوص” الموضوع الإنشائي” في اختبارات اللغة العربية .. -كم كنا نكره العربية حينها- فهذا يعني .. بأن المرء خُلق .. كي يلعن الغضب.. أمضيتُ ثلاثة سنوات أبدأ نهاري كغيري من ذوي اليأس و حَمَلة الهويات الوطنية، أستمع لفيروز و أرتشف قهوة .. طعمها غير كافٍ .. ثم أكمل ما وهبته لي القوانين من وقت، و شرف استنشاق الأوكسيجين.. حتى تكمل الأرض دورتها، و يفوتني غروبا رائعا .. كما فاتني قبله الشروق …… هذا ليس بشعر .. أو فلسفة … إنما أفكار لا علاقة لها بالعنوان .. أفكار دفعت غيري من حَملة الهويات الوطنية للاحتفاظ بالهوية و التخلي عن الجزء الأخير … بالمناسبة الوطنية عنوان درس نبدؤه في الصف الخامس ابتدائي، و ينتهي حين “نُفطم” عن الحليب و نبدأ بقهوة طعمها “غير كاف” لكن فيروز تكفي و في مقهىً يشوبه “الترف” … قررت بأن كل ما هو حولي لا يكفي … لكن عنوان مقالتي “فيروز تكفي”.. و بين قوسيْن .. المقهى يحتفل ب”عاصي الحلاني” ! … و كأنّ فيروز لا تكفي .. و القهوة جداً سيئة .. و هذا الأحمق الذي يتأمل أحمر الشفاه على “الفنجان” لا يعرف شيئا عن “فن الطاولة” ربما اتخذ قراراً مناسباً … لأنه قرأ آخر مقطع … حيث أشرت إليه بالأحمق … ثم وضع أغنية” يا قلبي لا تتعب قلبك” … لأن فيروز تكفي … و ذاك الغضب… الذي سأعيد لملمته عن شاطئ “المدينة” … أيضاً يكفي ….