- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المأزق السوري

ألآن غريش

منذ عشرة أشهر، وفي سياق الثورات في تونس ومصر واليمن والبحرين، انطلقت ثورة شعبية في سوريا (اقرأ عمى عائلة الأسد المميت لباتريك سيل – لوموند ديبلوماتيك أيار/مايو ٢٠١١). خطاب الرئيس الأسد الأخير في العاشر من كانون الثاني/ يناير (النص) هو الرابع منذ بدء الأحداث، يؤكد من جهة عدم قدرة السلطة على فهم التطلعات الشعبية- فلا تراها إلا وكأنها مؤامرة خارجية- من جهة ثانية المأزق الذي تتواجد فيه سوريا اليوم. وكما أن احتمال أن تقضي عملية القمع الدموية على تصميم الثوار، رغم مئات الضحايا والاستعمال الممنهج للتعذيب، ولكن في المقابل فإن المعارضة تبدو غير قادرة على قلب النظام، وحتى إظهار جبهة موحدة. واستطاعت السلطة تحييد بعض الأقليات (علويين ومسيحيين إلخ…) وهو ما يعطيها هامش مناورة لا بأس بها.
تتوزع حركة الثورة على مجموعتين أساسيتين: المجلس الوطني السوري بقيادة برهان غليون، ويضم عدداً من القوى من الإخوان المسلمين إلى العلمانيين وغالبيتهم متواجدين في الخارج، وهيئة التنسيق الوطني التي يمثلها هيثم المناع، والتي يتواجد معظم أعضائها في الداخل. ويجب إضافة عدد من التجمعات، ومنها المعارضة الكردية التي تشكو من تهميشها من قبل القوى الأخرى. (أنظر إلى Rudaw ١٠ كانون الثاني/يناير)
وقد باءت بالفشل محاولة إيجاد اتفاق استراتيجي بين التحالفين في نهاية السنة المنصرمة. وقد روى هيثم المناع على موقع «آلأخبار» اللبنانية باللغة الإنكليزية سبب هذا الفشل «The Politics Behin the Pact with Ghalioun ». وذكر أن المجلس الوطني منقسم وغير منظم. وأنه مؤلف من تنظيمات متباينة ليست موحدة. وأن التباين الأساسي مع المجلس يختصر بهذه الجملة «رفض كل تدخل خارجي تمس السيادة الوطنية واستقلال البلد» مع التأكيد بأن «تدخلاً عربياً لا يعتبر تدخلاً أجنبياً».
ويشرح المناع بأن أي تدخل عربي يمكن أن يتضمن «خوذات خضراء» على الأرض. وأنهم سوف يرحبون به. ويتابع بأنه من المطلوب رفع عدد المراقبين ليصبج ٥٠٠ مراقب. ويقول «إن الفكرة التي تتضمن ترحيب سوريا بأي قوة أجنبية هي وهم وخيال تسوق له الصحافة الخليجية. وهذا بالواقع ليس صحيحاً».
أمراء وملوك الخليج ينتقدون الجامعة العربية وتحركها، ويفضلون بما لا يقبل الشك، رفع القضية أمام مجلس الأمن (ونتسائل بما يمكن لمجلس أن يكون أكثر فعالية من الجامعة العربية؟). ويضيف المناع أن هذه الدول تسعى «لتجعل من سوريا حقل معارك مع إيران. ولكننا نرفض أن نصبح ضحايا حرب بالواسطة. نريد الديموقراطية والحرية في سوريا. ولا نريد أن نصبح أداة لأي قوى تعمل لأهداف خاصة بها».
وبينما يعتمد المجلس الوطني السوري بشكل أساسي على الدول الغربية ودول الخليج، ويدعو بعض أعضائه بشكل علني للتدخل العسكري، ويترددون في موضوع استعمال القوة المسلحة (التي تتزود عبر تركيا ولبنان)، ضاعفت هيئة التنسيق الاتصالات مع كافة القوى، بما فيها الصين وإيران، وترفض أي تدخل عسكري يقود إلى المزيد من الضحايا ومن دون شكل إلى تقسيم البلاد كما هو الوضع في العراق. كما أن هيئة التنسيق تراهن بقوة على سلمية التحرك لأنها مقتنعة بأن العنف يخدم النظام.
يمكننا أن نتسائل حول دور المملكة العربية السعودية و«تعلقها» بالديموقراطية في سوريا، وهي قد سحقت ثورة البحرين، كما هي تسحق شيعتها. يوجد بعدان يحددان الأزمة في سوريا: نضال شعبها من أجل الديموقراطية والحرية، والرغبة بإسقاط نظام حليف لإيران في الوقت الذي تشن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل حملة كاسحة على الجمهورية الإسلامية.
ويشرح المناع بأنه لن يأتي بابا نويل العيد لإنقاذ سوريا. فقط التعبئة السلمية في الداخل والضغوط بصورة عقوبات ووجود مراقبين عرب وفضح الاغتصابات سوف تسمح بتأمين عبور نحو الديموقراطية. وهذا ما سوف يسمح للشعب السوري باختيار مستقبله.

Alain Gresh