- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مطالب هولاند: بين أوباما وبوتين …وشعبيته

Olfa boomألفة قدارة

يبدو الرئيس الفرنسي فرانسوا  هولاند واعيا أشد الوعي بلعبة المصالح التي تفرض منطقها على الدول، وتحدد الموقع الذي تختاره كوسيط أو شريك أو طرف. لكن الأمل في تحالف دولي فاعل، دفعه الى استقطاب اكبر عدد ممكن من الحلفاء، وحشد تأييدهم.
‏ولقد تزامنت أولى الضربات التي شنتها مقاتلات الرافال الفرنسية على الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، مع تحرك ‏دبلوماسي مكثف ، بدأ بإقناع ديفيد كاميرون بضرورة انضمام بريطانيا الى الدول التي تتحالف لضرب داعش .
‏مقترح هولاند ‏إقامة تحالف  دولي ضدّ تنظيم الدولة يجمع المحور الأمريكي والروسي لم يجد صدى لدى أوباما. فالولايات المتحدة ، وإن  ‏كانت تتفق مع فرنسا على تكثيف الضربات الجوية ، وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمواجهة داعش، والوصول إلى حل  للأزمة في سوريا بمعزل عن الرئيس ‏السوري بشار الأسد ، فإنها ترى أن التحالف مع روسيا أمر مستبعد.
‏المعضلة الصعبة  إذن، قد لا تكمن  في داعش  فحسب،  وإنما  تكمن في اختلاف  القوى الكبرى بشأن مصير الأسد.  ففي حين يرى هولاند واوباما أن الأسد لا مكان له في الانتقال ‏السياسي في سوريا لأنه المشكل وليس الحل، تتحالف روسيا مع إيران من اجل دعم نظام الأسد،  و تقصف مواقع المعارضة السورية المعتدلة التي ‏تلقى الدعم من امريكا وتركيا ، وتشن غارات يومية مستعرة في سوريا معلنة بذلك تمسكها بالاسد وتركها مصيره ” لانتخابات شفافة ” حسب تصريح بوتين ولافروف.
هذا التباين في المواقف  قد تستغله داعش  لصالحها في وقت يتم فيه رسم خرائط جديدة في المنطقة ، وفقا  لمصالح الدول وحساباتها . ولكن ما مصير سوريا في ظل هذه الحسابات ؟ هل ستبقى الأزمة السورية رهينة تجاذبات إقليمية وجيوسياسية ؟
عن هذه الأسئلة  يحاول هولاند أن يجيب من خلال لقاءاته المكوكية   بالمستشارة الألمانية إنجيلنا مركل وغيرها من زعماء العالم . وبعد  أكثر من أسبوع من الهجوم الدامي على باريس  ، يستقطب مصير الأسد الاهتمام  من جديد . وقد يعود ذلك الى  اقتناع الدول الكبرى بأن مواجهة داعش عسكريا  لن تؤتي غايتها في غياب حل سياسي في سوريا .
واستقراء التاريخ يحيلنا على فشل الحلول العسكرية  في غياب القنوات السياسية والديبلوماسية. و هذا ما يعول عليه فرانسوا هولاند في لقائه المرتقب بالرئيس الروسي بوتين. خاصة وأن الشعب الروسي لا يريد أن يدخل مستنقعا حربيا جديدا على غرار الحرب في أفغانستان والشيشان .
ويأمل  هولاند ،الذي يذكر بأن الحرب على الاٍرهاب والقضاء على داعش في العراق وسوريا ستكون حربا طويلة المدى، في ضم المحور الروسي، لكن يبقى تخلي بوتين عن الأسد والتركيز على المصالح العليا لروسيا غاية بعيدة المنال خاصة بعد إسقاط  تركيا لطائرة روسية وما ترتب عن ذلك من  تكثيف للغارات الجوية على جبل الأكراد وجبل تركمان في اللاذقية وغيرها من المناطق.
و اتهام روسيا للقيادة التركية بجر العلاقات الروسية التركية الى طريق مسدود، قد تجعل  قبول مقترحات هولاند أمرا صعبا. فهو يطلب من بوتين تعزيز عمله مع القوات الفرنسية والضغط على الأسد للكف عن قصف  المدنيين بالبراميل المتفجرة  والوصول الى حل  سياسي ينتهي برحيله .
موقف هولاند لاقى انتقادا واسعا من حزب اليمين الفرنسي ، الذي يرى ان الرئيس الفرنسي  يهدر وقتا في التعاون مع روسيا التي يفرض عليها الأوروبيون عقوبات اقتصادية بسبب أزمة أوكرانيا . بل إن الحزب يعتبر أن فرض عقوبات على بوتين ومحاربة تنظيم الدولة الى جانبه امر فيه غرابة .
بعد أسبوع من التحركات الديبلوماسية وما شهدته من تجاذبات ، تبدو محاولات لم شمل كل الأطراف وارضائها غاية لا تدرك . إلا أن الواضح أن ارتداء هولاند لعباءة رجل الحرب في هذه الظروف سيزيد من شعبيته التي تراجعت الى الحضيض قبل الهجوم على باريس ..كما أن طرح مسالة استمرار استقبال اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب ، والدعوة الى إغاثتهم  مع التدقيق في عملية مراقبة الحدود ، من اهم النتائج التي طرحها الرئيس الفرنسي مع نظرائه الذين يواجهون الخطر الإرهابي نفسه . فعبد الحميد أباعود منفذ هجمات باريس مرّ من مطار بون كولوني الألماني دون التفطن لأمره .