- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فابيوس وتلبك الديبلوماسية الفرنسية

Capture d’écran 2015-11-27 à 23.02.02باريس – بسّام الطيارة (خاص)

اضطر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى التراجع بعد أن قال في وقت سابق أمس الجمعة لراديو آر.تي.إل إنه يمكن الاستعانة بالقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في محاربة تنظيم داعش قبل حدوث انتقال سياسي في البلاد. إلا أنه بعد ورود ردات فعل قوية من عدد من الأطراف السياسية قال فابيوس في بيان «من الواضح أن تعاون كل القوات السورية ومنها الجيش السوري في قتال داعش أمر مرحب به لكنني قلت دوما إنه لن يكون ممكنا إلا في إطار انتقال سياسي.»

هذا التحول الذي وصفته بعض الصحف بأنه «استدارة ١٨٠ درجة» يأتي ليشير إلى تلبك في قمة هرم الديبلوماسية الفرنسية نتيجة التحول الذي يشهده المجتمع الفرنسي بعد الضربات الإرهابية.

فهولاند ومعه السلطات الفرنسية يحملون ثلاثة هموم مترابطة بشكل وثيق: – هم أمني – وهم سياسي – وهم ديبلوماسي.
الهم الأمني يتجاوز الاحتفالات العاطفية التي جرت أمس الجمعة. فالشعب الفرنسي خائف ويرد من حكومته أن تطمئنه بعد أن ظهر له أن السياسة المتبعة لم تعط النتائج المرجوة أضف إلى ان الثغرات في الأجهزة الأمنية بدأت تتكشف ويظهر ضعف إمكانيات الشرطة والمتابعات للإرهابيين. أضف إلى أن العجلة الاقتصادية تسير بشكل بطيء جداً ما يهدد النمو وبالأمس صدرت أرقام البطالة التي تبين أنها ارتفعت في الشهر الأخير بشكل رهيب (١٤٧ ألف عاطل عمل إضافي)، ونتيجة الأعمال الإرهابية التي اجتاحت باريس فإن الأسواق متوقفة بسبب الخوف. من هنا على هولاند أن يتصدى للهاجس الأمني الذي يسكن الفرنسيين.
الهم السياسي وهو مرتبط مباشرة بالهم الأمني: ففرنسا مقبلة بعد اسبوع على انتخابات مناطقية يبدو أن الاشتراكيين سيكونون الخاسر الأكبر فيها. وتقتنص المعارضة هذه الفرص لتقول عالياً إنها لم تعط للحكومة شيكاً على بياض مثلما حصل في مطلع السنة واعتداءات يناير الارهابية. هذه المرة يبدو هولاند تحت الرقابة نت قبل اليمين الوسطي وتحت ضغوط هائلة من قبل اليمين المتطرف. كما أن وارتفاع شعبيته (+ ١٧٪)  لا يعني بأي الأشكال أن هذه الشعبية يمكن أن تنعكس إيجابياً على نتائج حزبه الاشتراكي.
الهم الديبلوماسي هو مرتبط أيضاً الهمين السابقين. زيارة هولاند إلى موسكو والتي وضعت الصحف عنواناً لها «بناء تحالف واسع في سوريا لمحاربة داعش» تطرقت إلى ملف آخر لا يقل أهمية عن ملف سوريا بالنسبة لروسيا ولفرنسا. فالمعارضة في فرنسا تطالب هولاند بالانفتاح على روسيا ليس فقط من أجل الملف السوري بل أيضا من أجل محاولة التقارب مع موسكو لرفع العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الملف الأوكراني. فالعقوبات تضر روسيا ولكنها تضر أيضاً المزارعين المصدرين الفرنسيين من هنا فإن أوكرانيا كانت بارزة في تصريحات هولاند في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء.

هذه الهموم بدأت تؤثر بشكل مباشر بسير الديبلوماسية الفرنسية وهو ما بدا ظاهراً في تقلب فابيوس والتلاعب الألسني الذي قام به بأن أضاف على دعوته للعمل إلى جانب الجيش السوري النظامي بإضافته تلك الجملة التي يمكن وصفها بالاعتراضية على المضمون «لن يكون ممكنا إلا في إطار انتقال سياسي.»