- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«المعادلة الإفريقية» لياسمينة خضراء: عن القرصنة ومآسي القارة السمراء

وردة السعدي
في 18 آب/أغسطس الماضي، عاد الكاتب الجزائري، ياسمينة خضراء، إلى السّاحة الأدبية بقوة مع صدور كتابه الأخير “المعادلة الإفريقية” عن دار “جوليار” للنشر الفرنسية. ويتناول الكتاب موضوع ظاهرة

غلاف «المعادلة الأفريقية» لياسمينة خضرا

غلاف «المعادلة الأفريقية» لياسمينة خضرا

درامية، وهي قضية القرصنة في بحر الصومال. حبك  ياسمينة خضراء قصة رائعة، في قمة الأدب والإبداع، مزج فيها عنصر التّشويق والمغامرة وبركان من حب محموم. الكتاب يغلب عليه الطّابع الواقعي ويتسمّ بعمق السّيرورة الرّوائية، ولاسيما في نقطة تحوّل رجل أوروبي قلبت حياته رأسا على عقب بصفة تدريجية لكن بطريقة حاسمة، وجعلته يفتح عينيه واسعا على واقع عالم كان يجهله ولا يقدّر خطورته.
يتناول الكتاب قصة طبيب من فرانكفورت، “كورت كراوسمان”، اعتاد على الذّهاب والمجيء بين بيته البرجوازي وعيادته الطبية، إلّا أن حياته تتخذ مجرى مغايراً عندما يحلّ بعائلته مكروه يوصله إلى  فيافي التّشاؤم. يحاول صديقه المفضّل “هانز”، وهو رجل أعمال ثريّ جعل العمل الإنساني نصب عينيه، أخذه معه على متن قاربه إلى جزر القمر كمحاولة للتّغلب على حزنه. لكن على مشارف السّواحل الصومالية، يهجم القراصنة على القارب ويتمّ خطف الصديقين ويقاد بهما إلى معسكر سريّ.

وداخل زنزانتهما المؤقتة، يجد الصّديقان نفسيهما أمام رهينة فرنسية أخرى، “برونو”، الذّي يبدو أنّ الجميع نسوا أو تناسوا اختطافه، وهو يسعى، رغم ذلك، إلى العدول، بمشقة، بين شغفه بالقارة السّمراء ومعاناته في الأسر.

حجز لا تنبئ نهايته بخير، وظروف معيشية قاسية واحتكاك خطير مع عصابات مرتزقة لا ترحم، إنّها بداية السّقوط في هاوية جحيم لا يسلم من شرها أحد. ولأن سيناريو الدراما يتجاذب أبطالها، تتقلب الأوضاع بين المأساوي تارة والسّعيد تارة أخرى، إذ يقع “كورت” في غرام امرأة كرّست حياتها للتّخفيف من ألم وبؤس لاجئي “دارفور”.

ومن صفحة لأخرى ينتقل بنا الرّاوي بين الصومال والسّودان في غياهب قارة إفريقية شرقية تتخلّلها تناقضات كثيرة من جهة مخيفة وغير عقلانية ومن جهة أخرى حكيمة وفخورة ووقورة وجدّ شجاعة.
“المعادلة الإفريقية”، هو نشيد لعظمة قارة وقعت في مخالب المصائب والأحزان، وخطّها يراع ياسمينة خضراء بأسلوب مدهش وجذاب.