- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرنسا: الأرقام المخبأة وراء نتائج الانتخابات

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

انتهت الانتخابات المناطقية وهزم اليمين المتطرف الذي لم يصل اليمين المتطرف لحكم أي منطقة من مناطق فرنسا الـ١٣ حسب التقسيم الجديد الذي فرضه فرنسوا هولاند الرئيس الاشتراكي. اليمين الوسطي حصد ٧ مناطق واليسار ٥ مناطق فيما بقيت منطقة كورسيكا بين أهلها إذ وصل المطالبون بالاستقلال إلى رئاسة كورسيكا.

ولكن هناك أرقام كثيرة لم تكشف عنها الفورة الإعلامية التي طافت ولهثت وراء النتائج الظاهرة وتناست الحقائق التي تختبئ وراء تلك الأرقام.

عدد الذين يحق لهم التصويت في فرنسا: ٤٤،٦ مليون ناخب شارك في الدورة الثانية ٥١ في المئة منهم أي ٢٢،٧ مليون توجهوا إلى صناديق الاقتراع، وصوت ٧ ملايين منهم لصالح الجبهة الوطنية أي أن ٣١ في المئة من الفرنسيين صوتوا لصالح اليمين المتطرف.

لنتوقف قليلاً أمام هذه الأرقام التي تدل إن لزم الأمر إلى أن «ثلث الشعب الفرنسي» يصوت لليمين المتطرف.

إن الانحراف السياسي لأوروبا نحو اليمين هو توجه يعود لسنوات ولكنه لم يصل إلى هذا الحد الذي وصله في فرنسا. فقط النظام الانتخابي المفصل على قياس الأحزاب «الكلاسيكية» يمنع الجبهة الوطنية من احتلال «ثلث المقاعد في البرلمان الفرنسي» وتشكيل بيضة ميزان بين اليسار واليمين أي التحكم بمقاليد الحكم. ويعرف الفرنسيون ويدرك مؤيدو الجبهة الوطنية أن اعتماد نظام الانتخابات النسبي (كما هو الحال تقريباً في كافة الديموقراطيات الغربية) سيقلب الأمور رأساً على عقب ويدفع باليمين المتطرف إلى واجهة الحدث السياسي في فرنسا.

والأحزاب الكلاسيكية الفرنسية من يسار ومن يمين لا تريد أن تنظر إلى هذه الحقيقة المقلقة. لا تريد الأحزاب التي تتابدل السلطة منذ ما بعد الحرب أن تلتفت إلى الأسباب التي تجعل ثلث الشعب يلتحق بالأفكار المتطرفة والأسباب هي بحد ذاتها كلاسيكية: أزمة اقتصادية حادة وتراجع القدرة الشرائية والخدمات الاجتماعية مع بطالة منتشرة بشكل واسع.

اليمين المتطرف يطرح حلولاً «بسيطة» لا تتطلب تمحيص ودراسات وفي متناول الطبقات المتوسطة والفقيرة. العطالة يسببها «المهاجرون الذين يأخذون أعمال الوطنيين»، تراجع الخدمات الاجتماعية سببه «مشاركة المهاجرين وعائلاتهم في تقاسم حلوى التقديمات الاجتماعية»، الأزمة الاقتصادية سببها قوانين الاتحاد الأوروبي التي تمنع السلطات الفرنسية من التحكم بعملتها والرسوم بشكل عام وتفرض قوانين صارمة على مزارعيها وتفتح أسواقها أمام العولمة.

الحل لدى الجبهة الوطنية بسيط جداً: الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ومنع المهاجرين من العمل عبر تفضيل توظيف الفرنسيين وإقفال باب الهجرة إلى فرنسا… وجاءت الأعمال الإرهابية لتعطي دفعاً لهذه الطروحات : الربط بين المهاجرين والإسلام والإرهاب وإقفال الحدود.

هذه الظروف وعدم قدرة الأحزاب الكلاسيكية على حل تلك الأزمات تفتح طريقاً واسعة أمام طروحات اليمين المتطرف، الذي خسر اليوم معركة المناطق وربح كماً كبيراً من الأصوات التي تمهد طريق الإليزيه لرئيسته مارين لوبن.