- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نعم ! الحرب العالمية الثالثة

Attwi 2015معمر عطوي

هل فعلاً نحن نعيش حرباً عالمية ثالثة، أم لا زلنا في مرحلة ارهاصاتها؟. سؤال نطرحه دوماً على أنفسنا في ظل ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط والعالم من فرز ديموغرافي وحروب مذهبية وقبلية وصراعات على مصادر الطاقة والثروة.

نحن بالفعل دخلنا الحرب العالمية الثالثة، لأن هذا النوع من الحروب لم يعد في بداية القرن الواحد والعشرين بصورته الكلاسيكية التي عهدناها في الحربين العالميتين السابقتين.

فالحرب الجديدة ليست بحاجة لمقتل ولي عهد النمسا أو ظهور زعيم نازي جديد في المانيا، بل هي مجموعة اغتيالات رفيعة ومتوسطة المستوى تؤسس لصراعات مذهبية وطائفية وعرقية، وثورات غير مخملية تتحول الى حروب أهلية وتشابكات مصالح بين الدول والجماعات المسلحة وبين الدول المتخاصمة نفسها. فلا العدو التقليدي بقي هو العدو رقم 1 كما هي “إسرائيل” بالنسبة للعرب والمسلمين، ولا هي أميركا بقيت “الشيطان الأكبر” بالنسبة لإيران والصين وروسيا، ولا هو “محور الشر” بالنسبة للولايات المتحدة.

نحن نعيش في الواقع حرباً عالمية ثالثة تتنقل شراراتها بين بلد وآخر ومنطقة وأخرى، وقودها الناس والحجارة، وأقطابها كثر، وممولوها من كل حدب وصوب. أما المستفيد الأكبر من كل هذه الحرب فهم شركات تصنيع السلاح، وكارتيلات المخدرات، وشركات الصناعات البتروكيميائية والعاملة في مجال استخراج النفط والغاز، وتجار الأعضاء البشرية، إضافة إلى العقول الاستثمارية التي تشتري مساحات شاسعة من الأراضي في ظل ظروف قاهرة وأسعار هابطة بانتظار جلاء الغبار لتقوم ببناء المتاجر والشركات الكبرى التي تتلائم مع صورة عالم “نيو- نيو- ليبرالي” قائم على الاستهلاك.

وفي المحصلة هي ليست حروباً بين أديان ولا طوائف ولا دول متخاصمة كما هو ظاهر، ولا هي حرب الأحلاف الإقليمية والدولية ضد الإرهاب كما تصور لنا آخر كذبة “داعش”. إنما هي حرب واحدة تتحد فيها البرجوازية الإيرانية والصينية والروسية والأميركية والصهيونية والخليجية والتركية ضد الفقراء والمساكين في كل بلد.

هذه الحرب هي حرب طبقية بصور مختلفة تارةً نراها مذهبية أو طائفية كما في الوطن العربي والصين وجنوب اسيا، وتارة عرقية كما في أوكرانيا والعراق وشمال سوريا وتركيا، وطوراً هي حروب جس نبض أو لي ذراع في قضايا لها علاقة بالسيطرة على مصادر طاقة أو مكامن ثروة هنا وهناك.

وفي الواقع الحرب العالمية الثالثة بدأت منذ حين، واللاعبون على رقعتها كثر، ولعل جزءاً من هذه الحرب هو الغزو الديموغرافي للقارة العجوز تحت عنوان “هجرة غير مشروعة”.

أما عنوان المرحلة الحالية من هذه الحرب فهو معركة الغاز، حقوله وأنابيبه وممراته، وبعدها حرب الماء التي ربما ستكون أقسى في ظل استفحال الكوارث البيئية وارتفاع حرارة الأرض وختلال التوازن الطبيعي.

الحرب العالمية الثالثة بدأت حقاً، بصورتها الحديثة غير الكلاسيكية. والتسويات التي تظهر بين حين وآخر لن تكون سهلة التطبيق في ظل استمرار لعبة القمار التي يسعى فيها كل طرف الى كسب المزيد ولو على حساب الضحايا الذين يسقطون في كل ساعة بالعشرات.