- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حرب أهلية في …. فرنسا؟

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

باتت أعمال الشغب التي ترافق مواسم الأعياد تقليدية، ومنها حرق السيارات. ورغم أن وزارة الداخلية الفرنسية تعمد إلى عدم نشر أعداد السيارات التي يضرم النار بها احتفالياً في نهاية كل سنة فالأعداد ثابتة ثبات العطالة عن العمل والفقر. ومع كل حريق يتم استدعاء رجال الإطفاء الذين يهرعون إلى المكان فيستقبلهم «الشباب» برشق الحجارة كجزء من «لعبة القط والفأر».

يملأ العاطلون عن العمل في الضواحي والمناطق الفقيرة فراغهم في أيام العيد بهذه «اللعبة الخطرة»، وفي كثير من الأحيان يكون مالكو هذه السيارات من نفس الطبقات الفقيرة التي تعيش هذا التهميش في حين أن أضواء المدينة في الأحياء الراقية تتلألأ بعيدة وتصلهم أصوات الموسقيٍ وصخب الحياة العامرة كأنهم يعيشون على كوكب أخر.

من الخطأ القول إن جميع «شباب الضواحي» من المهاجرين أو من أصول مهاجرة كما أنه أصعب القول إنهم من المسلمين، وكذلك من الصعب جداً التأكيد بأنهم غير فرنسيين وغالبيتهم لا تحمل جنسيتين… يوجد بين هؤلاء المحتفلون بحرق السيارات من كل الأصول… إنه «لاوعي جماعي» يسببه الفقر والفراغ.

رغم هذا لا أحد يمكنه أن يبرر هذه الأفعال المنافية للقانون وللتصرف المدني. ولكن لا أحد أيضاً يمكنه أن يتجاهل الأسباب الاقتصادية التي ترمي هؤلاء في الشوارع في فترة الأعياد من دون أن يكون هناك «يورو احد في جيوبهم» بسبب العطالة عن العمل والفقر الاجتماعي.

مع ذلك لا يمكن تبرير ما يفعله هؤلاء الشباب وما فعله بعضهم في كورسيكا في ٢٥ الجاري في عيد الميلاد بعد اعتداء على الاطفائيين.

ولكن هذه المرة كانت ردة الفعل نوع آخر: فقد تجمع مئات الأشخاص في اليوم التالي تعبيرا عن دعمهم للإطفائيين والشرطي،وقرر بعضهم التوجه إلى مكان الاعتداء. وبدأ هذه الجموع تهتف «أرابي فورا» (العرب خارج البلاد) و«نحن في ديارنا»، وحاولوا العثور على منفذي اعتداء الليلة الماضية للانتقام منهم. وتطورت الأمور إذ هجمت مجموعة منهم على قاعة صلاة للمسلمين في الحي الشعبي وخربوها وأحرقوا مصاحف وكتبوا عبارات معادية للعرب…معظم رجال السياسة الفرنسيين تحدثوا عن أعمال عنف غير مقبولة “على خلفية عنصرية وكراهية للأجانب”. ولكن هل يكفي هذا التنديد الشفهي؟ خصوصاً وأن هذه «الأجواء» هي شبه عامة على كافة الأراضي الفرنسية.

إنه «لاوعي جماعي» تسببه الأجواء العامة السياسية بعد الاعتداءات الإرهابية وارتفاع منسوب الشوفينية واليمين المتطرف.

الشباب الذين يحرقون سيارات هم أولاً وأخيراً…خارجين عن القانون وجب ملاحقتهم وهذا أمر لا جدال فيه. ولكن أن يدفع الفرنسيون المسلمون ثمناً لما يقترفه بعض الجانحين فهذا أمر غير منطقي وخطر.

على بعض الفرنسيين أن يعوا أن فرنسا تحوي مواطنين فرنسيين مسلمين ، وعلى بعض الفرنسيين أن يفكوا الربط بين فكرة الإسلام والمهاجرين. عدد كبير من نزلاء السجون الفرنسية قد يكونوا مسلمين ولكنهم أيضاً فرنسيين من نتاج المجتمع الفرنسي.

من الخطر جداً الربط بين الإسلام دوائر الجريمة والتصرف اللامدني، وهو ما يروج له اليمين المتطرف وصولاً إلى استهداف الممنهج للمهاجرين والمسلمين. إنه لعب بالنار يمكن أن يؤجج صراعاً داخلياً يستفيد منه اليمين المتطرف.

في ١٠ حزيران يونيو هذه السنة المنصرمة ٢٠١٥ ألقي القبض على أحد مسؤولي الجبهة الوطنية المتطرفة وكان مرشحاً للانتخابات بعد ما تبين أنه يعمد مع مجموعة من المؤيدين إلى …. إضرام النار في سيارات منطقته ليتهم شباب الأحياء الشعبية بهذه الأفعال وليستدر أصوات «الفرنسيين الخائفين».

إنه لعب بالنار.