- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التجويع في سوريا من منظور الانقسام اللبناني

سلوى فاضل

بعد فاصل طويل نوعاً ما استلم مجلس الأمن مسألة «تجويع» مناطق في سوريا واستعمال الحصار كسلاح في الحرب الأهلية. وبالطبع كانت مدينة «مضاياً في وسط الصورة الإعلامية ،ولكن يأتي مجلس الأمن متأخرآً (وهو متأخر أصلاً في الحرب السورية أكثر من خمس سنوات). قبل مضايا كان هناك اليرموك وحمص وفي الشمال كفريا والفوعة. مجلس الأمن لا يفيق إلا بعد فوات الآوان… في سوريا تجاوز عدد الضحايا الـ ٢٣٠ ألف ومجلس الأمن ما زال يجتمع.

أما نحن في لبنان فكيف نتصرف أمام ـ«الجوع» الذي يعيث قتلاً في الجارة سوريا؟ هناك تجارة بمسألة «الجوع السوري». التركيز على مجاعة مضايا من جهة وكفريا والفوعة من جهة أخرى يكرس هذه التجارة …مع الأسى البالغ جراء هذه الصور اللاإنسانية التي تؤلم ولا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال… لا لأهلنا ولا لأعدائنا .

منذ إعلان القنوات الخليجية عن مجاعة “مضايا” في سوريا.  هبت القنوات المؤيدة للحكومة السورية لتعلن عن مجاعة كقريا والفوعة  قامت الدنيا ولم تقعد إعلاميا وفايسبوكيا وتويتريا وكل ما له علاقة بالفضاء الخارجيّ كل فريق يحاول جذب التعاطف إلى «مكان الجوع الذي يدافع عنه».

لولا هذا المتنفس الإلكتروني لكانت المجاعات في مضايا والفوعة وغيرها  قد مرّت مرور الكرام في بلادنا دون ان يدري أحد بها، كما مرّت قبلها مجاعات ومجاعات وقوافل من الشهداء والتشريد في سوريا.  واللافت والغريب ان الإعلام اللبناني، المنقسم كما سياسييه، وجد في هذه المجاعة الموصوفة في القرن الواحد والعشرين منبرا للقصف على بعضه البعض، متناسيّا الآلام في كل سوريا، ومتغافلا عن الكثير من التدمير المريع.

فكل فريق يُغني على ليلاه أو لنقل يغني لـ«المجاعة التي يروج لها».، وكل فريق يحاول قدر الإمكان الإستفادة من هذه القذارة تجاه البشر من خلال الإنتقام السياسي.

السياسة وهدف ضرب سمعة الأطراف الأخرى تقفو وراء الترويج الإعلامي لكلا الطرفين. كما يقف وراء هذا التأجيج أهداف لعرقلة الحلول الإنسانية الموضعية في غياب أمل بحل شامل. أم نخرج مجاعة مضايا وبعدها حصار الفوعة وكفريا بعد بعد نجاح عملية التبادل في الزبداني؟  الإعلام المنقسم انقسام السياسيين يخضع بإرادة أو من دون إرادة لأهداف خبيثة وليس لاهداف نبيلة، والا لكان قد أضاء على كل المجاعات والمجازر منذ بداية الحرب. انه إستغلال إعلامي فضائي غير إنساني لسياسة تنسى الضحايا وتذهب باتجاه السياسة. وتهدف الى تدمير القاتل دون إنقاذ الضحيّة. كما يحصل مع الإعلاميين الذين يتركون الضحية في الأرض “تفرفر” بدمها وجوعها ويلتقطون “السلفي” معها لنشرها فضائيّا!!