- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

خطة هولاند السرية لإعادة فرنسا إلى الحلف الأطلسي

Capture d’écran 2016-01-22 à 10.43.56باريس – بسّام الطيارة (خاص)

تحدث الرئيس الفرنسي أمام حشد من الديبلوماسيين في حفل تقديم التهاني بالعام الجديد، وأكد خلال هذا الخطاب بـ «أن فرنسا ليست عدو أي شعب وأي ديانة وأي حضارة، لكن لها عدو مشترك بالنسبة لنا وهو الإرهاب». السؤال الذي قفز إلى الأذهان هو «مع من هذا العدو هو مشترك؟». بالطبع لم يتوسع هولاند بالشرح… فاللبيب من الإشارة يفهم، وإن كان فهم معادلات التحالفات اليوم باتتصعبة على العقلاء.

ولكن هولاند توسع بالشرح «العسكري» فهو قال إنه «سيسرع» ضرباته ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، وأن “«فرنسا تؤدي دورها كاملا» في هذا الصراع. وتحدث عن استراتيجة تم التأكيد عليها أثناء اجتماع وزراء دفاع سبع دول عشية الخطاب (وهي الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا). وخلال هذا الاجتماع صرح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أن الوقت مناسب لزيادة الجهود المشتركة من خلال تطبيق استراتيجية عسكرية متماسكة.

إلا أنه وجب التوقف أمام بعض التعابير التي وردت في خطاب الرئيس وتصريحات وزير دفاعه: لنأخذ مثلاً «فرنسا تؤدي دورها كاملا» أو «الجهود المشتركة» أو « استراتيجية عسكرية متماسكة» وغيرها…إذ أن المواطن الفرنسي يتسائل كيف لفرنسا التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة أن «تؤدي دورها كاملاً» في هذه الحرب التي يتفق الجميع على أنها حرب طويلة؟ يعلم المواطن الفرنسي أن بلاده منغمسة في خمسة حروب خارجية وأن الاعتماد على الجيش الذي تراجعت ميزانياته منذ سنوات وصل إلى حد لم يعد يستطيع أن يلبي متطلبات «تغطية عجز هولاند عن محاربة البطالة بحروب خارجية». يرى هولاند وفريقه الحكومي أن … عودة إلى الحلف الأطلسي هو الحل!

هذا الخطاب هو لوضع المواطن الفرنسي أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانخراط كاملاً في الحلف الأطلسي أو … داعش.والدول التي اجتمعت لم تتحدث فقط بكيفية محاربة داعش بل تطرقت إلى تفاصيل عودة فرنسا إلى حضن الحلف الأطلسي.

كل رؤساء فرنسا السابقين تقربوا منالحلف الأطلسي وحاولوا إصلاح ذات البين بعد الصفعة التي وجهها الجنرال ديغول بخروجه من التحالف وطرد مؤسساته من فرنسا عام ١٩٦٦ وذلك «للمحافظة على استقلال القرار الفرنسي». فرنسوا ميتران الاشتراكي «تشاور مع الأطلسي إبان حرب الخليج»، الديغولي جاك شيراك «أرسل ضباط ارتباط إلى مركز الحلف الأطلسي في بلجيكا»، نيكولا ساركوزي «ارسل ضباط كمراقبين في غرف عمليات  الحلف الأطلسي». والجدير بالذكر أن هولاند عندما كان سكرتير الحزب الاشتراكي المعارض آنذاك اعترض واتهم ساركوزي بـ«خيانة إرث ديغول والتخلي عن زمام سيادة فرنسا على جيوشها».

اليوم يستعد هولاند للانخراط كاملاً في الحلف الأطلسي، وهو يحضر، بكل سرية، مع رئيس حكومته مانويل فالس معاهدة العودة للانضمام إلى الحلف بشكل كامل، رغم اعتراضات كثيرة من الجيش ومن أوساط الصناعة العسكرية، التي تتخوف من مسألة توحيد النظم العسكرية وبالتالي المعدات، ويشيرون إلى الدول المنظمة إلى الحلف الأطلسي كيف خسرت صناعاتها العسكرية لصالح الصناعة العسكرية الأميركية. والمعارضة لا تأتي فقط من اليسار الذي يرى كيف يخون هولاند كل مبادئه بل أيضاً من اليمين الذي ما زالت أغلبيته متمسكة بمسألة السيادة الفرنسية التي يضمنها استقالية جيشها وخصوصاً صناعتها العسكرية التي تحتل المركز الثالث في العالم. بالطبع يرى هولاند إمكانية الاستفادة من أجواء الحرب التي والخوف والقلق التي فرزتها الاعتداءات الإرهابية للقيام بخطوته هذه ولمحو آثار الديغولية بشكل نهائي وتسجيل انتصار لأميركا على فرنسا المتمردة كما وصفت آنذاك عندما انسحب ديغول من الحلف ليستطيع «التعامل بحرية مع الاتحاد السوفيتي والصين» حسب قله آنذاك، وبالفعل كانت فرنسا أول من طبع علاقاته مع الصين والاتحاد السوفيتي وفتحت أبواب.