بسّام الطيارة
التخبط والتحايل والغباء والكذب باتت كلها سمات كل من له دور في الحرب الأهلية السورية التي أزهقت أرواح أكثر من ٢٦٠ ألف مواطن سوري ودمرت البلاد.
من يسمع تصريح نائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمره صحافي مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لا يستطيع إلا أن يؤكد هذا الغباء والتحايل والكذب على الرأي العام العالمي المتابع للمأساة الإنسانية السورية. قال بايدن «إن الولايات المتحدة وتركيا مستعدتان لحل عسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية» وأضاف «نعلم أنه من الأفضل التوصل لحل سياسي ولكننا مستعدون، إذا لم يكن ذلك ممكناً لأن يكون هناك حل عسكري لهذه العملية وطرد داعش» أي إذا أخفقت الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في التوصل إلى تسوية سياسية.
إما أن يكون هناك «خطأ» في نقل وكالات الأنباء لهذا التصريح أو أن من حق الجميع أن يسأل «لمن هو موجه هذا التهديد؟».
بالطبع كل تهديد بعمل عسكري يكون موجه للمستهدف، هنا، حسب التصريح، فإن المستهدف هو أولاً وأخيراً … داعش.
ولكن… هل داعش مشاركة في المفاوضات حتى نهددها بعمل عسكري في حال فشل الحل السياسي؟ وهي التي تريد إفشال كل حل سياسي؟
كما نسأل: هل معنى ذلك أنه في حال نجاح الحل السياسي لن يكون هناك حرب على داعش ؟
إذا من مصلحة المعارضة السورية والنظام السوري أن لا يكون هناك حل سياسي حتى تساعد أميركا بالتخلص من داعش بعملية عسكرية كما هدد بايدن.
في الواقع، وانطلاقاً من «مكان وجود بايدن- تركيا- ووجود رئيس الوزراء التركي إلى جانبه» وكون هذا التصريح قد أطلق عشية زيارة وزير الخارجية الأميركي حون كيري إلى الرياض حيث يجتمع قسم كبير من المعارضة، فإن ما حمله تصريح بايدن هو موجه بشكل أساسي ومباشر إلى الحكومة السورية وبشكل غير مباشر إلى موسكو لتخفيف المطالب المتعلقة بوفد المعارضة.
إلا أن أحمد داود أوغلو أارد أن يسمع نغم آخر جراء هذا التصريح وأن يرى أنه موجه إلى «الاتحاد الديموقراطي الكردي» الذي يطالب بالمشاركة في وفد المعارضة. وبالطبع وصل التصريح إلى الرياض بمعنى أن أميركا قد قررت «أخيرا» التدخل العسكري وأن هذا التصريح هو الإنذار الوحيد خصوصاً وأن الإعلان إنشاء قواعد عسكرية أميركية في شمال سوريا في مناطق الأكراد سبق ورافق هذا التصريح.
ومن المنطقي أنه بعد تصريح كهذا سيتشبث كل في موقفه منعا للحل السياسي: المعارضة التي ترى في التصريح تهديدا للنظام، وأكراد سوريا الذي يرون فيه تسريع لعملية طرد داعش والنظام من مناطقهم، وكذلك تفسير الرياض لهذا التصريح تهديد بعمل عسكري في سوريا لقلب الموازين.
فريق واحد سيرحب بهكذا تصريح… داعش.