بسّام الطيارة (خاص)
نعم فيسبوك قاتل الصداقات وقاتل الوقت وقاتل القراءة وقاتل التفكير السليم.
محتال هو من اكتشف توصيف موقع تواصل اجتماعي لفيسبوك. أي اجتماع ومجتمع وجماعة من هذا التقوقع الرقمي وراء الأجهزة. هل ينظر المدمنون على فيسبوك إلى خارج حلقة الشاشات الصغيرة أم الكبيرة ليرون … المجتمع؟ هل ينتبه المدمنون على فيسبوك أنهم انقطعوا عن أصدقاءهم ؟ انقطعوا بالقوة وبالفعل. حتى ولو اجتمعوا في مقهى أو حول مائدة فإن رقابهم تظل مشرئبة نحو الجهاز اللعين. المدمن على فيسبوك يجتمع بـ«صديقه» ولكنه عيناه وعقله يلاحق فيسبوك.
أصدقاء ومعارف:
- أهلا وين ما عم نشوفك؟ ولو على فيسبوك …سلمت عليك ما جاوبت…
- شو عم تعمل هذه الأيام…؟ ولو ألا تابعتني على فيسبوك…
- والله فلان عطاك عمره … العوض بسلامتك …الله يرحمه ما سمعنا الخبر … حطينا خبر على فيسبوك ما فتحنا عزاء
- المرحوم كان محبوب… صفحة العزاء حصدت ٢٨٠ لايك
خطيب يتمشى مع خطيبته هي ممسكة بـ …الهاتف تتابع أخبار فيسبوك وتبتسم وهو من جهته عيناه زائغتان تلاحق فيسبوك…
رجل سياسي يستقبل «مؤيديه»: يتكلم واحد تلو الآخر والسياسي يبتسم ولكن عيناه مسمرتان على فيسبوك وهو يحاول أن يرسم على سحنته ملامح «الجدية» حتى لا يكتشف المتحلقون حوله أنه يتابع بشغف ما يدور على فيسبوك… في الواقع لا يكون هناك أي خبر سياسي مهم ولكنه مدمن فيسبوكي…
متطفلون على السياسة:
- هل قرأت ما حدث في … ؟ شيء خطير…
- انتهت المعركة… هكذا قرأت على فيسبوك…
- لا يمكن السكوت على هذا الأمر…! أي أمر؟ ألم تقرأ ما كتبه فلان نقلاً عن علتان في فيسبوك
- هل تصدق هذا الأمر…؟ أكثر من ٢٠٠ لايك … ألا تصدقه
قتل فيسبوك مصداقية المعلومات، رفع فيسبوك من أهمية «الاندهاش والدهشة والغرابة» لأي خبر غريب. رمى فيسبوك بعيداً بالعديد من مسلمات التفكير السليم.
الفضائح على صفحات فيسبوك لم تعد مساهمة في نشر حرية التعبير. فيسبوك بات متنفساً لكل كسول يبرر عبره انزوائيته وتقوقعه الاجتماعي. كان يمكن لفيسبوك أن يلعب دوراً اجتماعياً … لولا التضخم الذي اصابه في مجالات عدة أبرزها في عالمنا العربي مجال السياسة…
كل شجون العالم العربي وانقساماته وأمراضه مفروشة على صفحات فيسبوك الذي يساهم عبر تكبيرها ونشرها مضاعفة بشكل «أسي» (exponentiel) بتوسيع الشرخ بين مكونات مجتمعاتنا العربية. ونشر ثقافة السباب والشتائم، ووسع من استعمال الشتيمة البذيئة لأنه يضمن 
«الأمن والأمان» لمن ينطق بها وهو «مختبئ وراء شاشة حاسوبه أو هاتفه.
هنيئاً لفيسبوك قاتل الصداقات.