- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هولاند ينقل اليسار إلى اليمين من دون تردد

BT_2016نقطة على السطر

بسّام الطيارة

تقف فرنسا اليوم على أبواب تغيرات ثورية تصيب هيكليتها السياسية، ويقف وراء هذا الدفع في هذا الاتجاه شخص واحد هو الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. الصحافة اليوم لا تتكلم إلا عن «مستقبل هولاند»، وهولاند صامت لا يتكلم ولا يكشف عن خبايا صدره ولا أحد يدري عما يجول في خاطره ولا يملك أدنى فكرة عن خطوته القادمة.

هذا الرجل كان مجهولاً  نسبياً قبل انطلاقة مسيرة الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٢، فمرشح الحزب الاشتراكي كان دومينيك ستروس كان ولولا هفوته الجنسية لكان هو القابع اليوم في قصر الإليزيه. في الانتخابات التي سبقت وشهدت وصول نيكولا ساركوزي كان هولاند وراء ظل سكينته وأم أولاده سيغولين رويال التي قطفت ترشيح الحزب .

اليوم هو ضيف الإليزيه التي وصل إليه بناء على برنامج «يساري» لم يطبق منه أي بند سوى زواج المثليين. أما ما تبقى فهو يبدو وكأنه أخذ برنامج اليمين الانتخابي وينفذه بندا بندا من دون أي تردد. وهذا يفسر استقالة كل الوزراء اليساريين والخضر، وكان آخرهم وزيرة العدل كريستين توبيرا قبل أيام بسبب رغبته بتعديل الدستور للسماح بنزع الجنسية عن المتهمين بالإرهاب.

وهذا القانون الذي لم يجرأ ساركوزي على تمريره والذي حاربه هولاند بكل قوته من موقعه السابق كسكرتير الحزب الاشتراكي، يتحدى به اليوم هولاند أغلبيته الاشتراكية وحلفاءه الشيوعيين والخضر وإذا تم التصويت والموافق عليه فسيكون ذلك بأصوات … اليمين.

أما إذا نظرنا إلى لوحة الحالة السياسية الفرنسية اليوم نرى أن معظم التوترات تأتي من يسار التشعب السياسي الفرنسي، سائقو التاكسي في إضراب يدوم منذ ٤ أيام، المزارعون قطعوا العديد من الطرق السريعة، وأرقام البطالة تشير إلى تحرك اجتماعي كبير ينتظر فرنسا في الأيام المقبلة وكل ذلك على خلفية النقاش في البرلمان الفرنسي حول تعديل الدستور.

وإذا تمعنا أكثر نرى أن هذه المسائل التي تحتل الساحة اليوم مردها توجهات يمينية خالصة لسياسة هولاند الاقتصادية: فحكومته سمحت للسيارات الخاصة بالعمل كسيارات إجرة بحجة حرية العمل ولاستيعاب البطالة، ولكن هذا يقود إلى إفلاس شركات التاكسي وارتفاع البطالة وتراجع مدخول الضرائب والرسوم ناهيك عن الظلم الذي لحق بمن يدفع ثمن رخصة التاكسي التي تتجاوز الـ ٢٠٠ ألف يورو. المزارعون يحتجون على تحرير انشاء مزارع «صناعية ممكننة» تنتج محاصيل (حليب وحبوب ولحوم) بكلفة أقل وإن كانت النوعية «صناعية» وعلى الضغوط التي يتعرضون لها من قبل شركات التوزيع التي تطالبهم بتخفيض أسعار منتجاتهم بسبب منافسة المزارع الكبرى التي تم السماح لها بالعمل بحجة …حرية التجارة.

أما البطالة فقد تجاوزت لأول مرة في فرنسا حاجز الـ ٣،٥ مليون عاطل عن العمل أي بزيادة قدرها ٩٠٠ ألف عاطل عن العمل منذ وصول «الرئيس الاشتراكي» هولاند إلى الحكم. من هنا التهكم الذي يجري في الشوارع بين المتظاهرين ومحوره «اشتراكية هولاند».

ان استقالة توبيرا «عرّت» حكومة هولاند من أخر ورقة توت يسارية يمكن أن تحمي حكومته. وبدأت المطالبة بانتخابات داخلية في الحزب الاشتراكي لاختيار مرشح الحزب أي أن «هولاند الرئيس المنتهية ولايته لم يعد المرشح الطبيعي للحزب».

يقول هولاند لن أترشح إذا لم تتراجع نسب البطالة، وإذا استندنا إلى المؤشرات الاقتصادية فإن رهان هولاند خاسر منذ الآن إلا إذا قرر أن يترشح عن … اليمن عند ذلك يكون له أمل في البقاء في الإليزيه.