- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرنسا: نزع الجنسية والرد الجزائري المنتظر

Capture d’écran 2016-01-26 à 00.06.28باريس – بسّام الطيارة (خاص)

بدأت الجمعية الوطنية اليوم مناقشة مشروع التعديل الدستوري الذي صمم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن يفرضه على فرنسا، والذي يحمل بندين يجعلا فرنسا، بلاد حقوق الإنسان، هدفاً لانتقادات كافة المنظمات المدافعة عن …حقوق الإنسان.

ماذا يوجد في بندي التعديل؟ ١) ادراج «حالة الطوارئ في الدستور» بشكل يسمح للحكومات الفرنسية بإعلانه من دون أي قدرة على الاعتراض أمام المحكمة الدستورية أو مجلس الشورى طالما أنه سيكون ضلعاً من ضلوع الدستور. ٢) إمكانية «نزع الجنسية» عن الفرنسيين المزدوجي الجنسية، وهو مطلب اليمين المتطرف بشكل أساسي.

يحاول هولاند عبر هذا التعديل الدستوري وبسبب ما يحمله من رمزية أن يحصد تأيداً من صفوف اليمين المتطرف والراديكاليين في اليمين الوسطي. وحسابات هولاند سهلة القراءة: كل استطلاعات الرأي في فرنسا (وفي أوروبا) تقول إن فرنسا (وأوروبا) «يمينية» وان الانزلاق نحو التوجهات اليمينية هو في بدايته وما موجات النزوح ووصول ملايين اللاجئين إلا عوامل مؤهبة لهذا الانزلاق نحو منحنى يميني شوفيني. إذا هولاند، الذي يتطلع إلى الانتخابات الرئاسية في عام ٢٠١٧، يرى أن على المرشحين أن يكونوا من اليمين،وكذلك هو الأمر: فالمرشحين لمنافسته هم اليمين الوسطي (نيكولا ساركوزي أو ألان جوبيه) واليمين المتطرف (مارين لوبن)، وبالتالي فهو وإن خسر قسماً كبيراً من اليسار فهو سيحافظ على قسم من هذا اليسار «الاشتراكي الديموقراطي» الوسطي وسيتقاسم مع اليمين السياسي قسماً من أصوات اليمين، واليسار الذي سيتبتعد عنه لن يصوت لليمين وكذلك الأمر بالنسبة للخضر. إذ حساب هولاند الانتخابي يجعله يدفع إلى هذا التعديل الدستوري الذي يخطب ود اليمنين برمزيته الشوفينية.

ورغم أنه تم «حذف» وصف مزدوجي الجنسية من مشروع التعديل ترضية لليسار، إلا أنه أضاف فقرة حول تطبيق معاهدة الأمم المتحدة التي أقرت عام ١٩٦١ والتي تمنع نزع الجنسية عمن لا يحمل إلا جنسية واحدة أي تمنع «البدون». ومن هنا فإن القانون الجديد رغم عدم التميز في النص بين الفرنسيين، يستهدف بشكل مباشر مزدوجي الجنسية وحسب السياق السياسي اليومو فهو يستهدف بشكل رئيسي الفرنسيين المسلمين وخصوصاً الذين هم من أصول مغربية وبشكل أخص الذين من أصول جزائرية والذين يشكلون ما يزيد عن ٨٠ في المئة من مزدوجي الجنسية.

وقد أدرك الجزائريون أن في هذا القانون نوع من «أخذ الثأر» من قبل اليمين الفرنسي الذي لم «يبلع» حتى اليوم استقلال الجزائر، والارتباط الذي ما زال بين الشعبين رغم التباعد السياسي. ومن هنا الحديث في الأوساط الجزائرية عن إمكانية «نزع الجنسية الجزائرية عن كل مزدوج جنسية تنزع عنه فرنسا جنسيته الفرنسية»، ويبرر مسؤول جزائري طلب التكتم على هويته هذا التوجه بقوله «لا نريد من فرنسا أن ترسل لنا الزعران الذين تربوا على أرضها وفشلت في دمجمهم في مجتمعها»، ويذكر بحالة «محمد مراح» ومحاولة السلطات الفرنسية دفنه في الجزائر رغم أنه … لم يكن مزدوج الجنسية (راجع وانقر هنا).

الجنسيات هي مثل جنيات جسم الإنسان متى بدأت عمليات التلاعب بها يمكن أن تقود إلى خلق فرانكشتاين دولي لا جنسية له ولا حدود لأعماله. وهولاند ومعه رئيس وزراءه مانويل فالس، الذي يقحم «محاربة اللاسامية» في كل جملة ينطقها، عليهما أن ينظرا إلى الاسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل فرنسيين ولدوا في فرنسا وهم أبناء فرنسيين مهاجرين، وإن كان عددهم ضئيلاً جداً، عاجزين عن الاندماج في مجتمع فرنسا، عوضاً عن استهداف كل مزدوجي الجنسية من الفرنسيين أي حوالي ١٢ مليون فرنسي.