- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لاجئة مع عائلتها: أريد العودة إلى سوريا

Capture d’écran 2016-02-07 à 19.21.44بيروت- سلوى فاضل (خاص)
مع دخول الشتاء في مرحلته الأصعب تزداد معاناة اللاجئين السوريين في لبنان، ويدفع هذا ببعض المؤسسات الناشطة في الخدمات الاجتماعية لمضاعفة مجهودها لنصرة السوريين اللاجئين إلى لبنان. ومن هذه الجمعيات «مؤسسة عامل» في برج البراجنة*. وكان لـ«برس نت» لقاء مع لاجئة سورية قصتها  تروي قصص العديد من «ضيوف لبنان» في مركز المؤسسة المعروف بـ«مركز بعجور».

نور السلطان الآتية من حلب، هي إبنة 29 عاما، وأم لثلاثة أولاد، نحيلة، يغطي النمش وجهها، ترتدي حجابا قريبا من حجاب أهل برج البراجنة المقيمين منذ أعوام وأعوام، وتتكلم لهجتهم حتى لتخالها من أهله الأصليين.

وتبادرنا بقولها “هربتُ من حلب القديمة مع نهاية العام 2013، بشكل نظامي” تقول، وتتملكها رغبة برواية قصتها.

كانت تعمل في مجال تصفيف الشعر في بلدها المثخن بالجراح، وخوفا على أولادها الصغار إرتأت هي وزوجها ان يخرجوا جميعهم وبشكل مؤقت لحين هدوء الأحوال، خاصة بعد حالة نفسيّة أصابت ابنتها ذات الإثنتي عشرة عاما. وصل زوجها الى بيروت وتحديدا الضاحية الجنوبية قبل عائلته بستة أشهر ليُهيء الأجواء المناسبة لهم، فاستقبلهم أقارب ومعارف لهم هنا.

لكنها، رغم هذه الإجواء الإيجابية هنا، يبدو الحزن متملّكا منها، كأن قطعة منها قد سُلخت.

قصدت مركز الأمم المتحدة الذي طلب منها تعبئة ملف هجرة نحو بلاد بعيدة لا ترغب “نور” بالتوجه نحوها خوفا على عائلتها من الضياع كما تصرّح.

فهي سيدة محافظة دينيا، وترغب بأن تُربيّ عائلتها الصغيرة في بيئة مماثلة. وزاد خوفها أكثر حين أبلغها مكتب الأمم المتحدة أن الهجرة ستكون في المرحلة الأولى لمدة خمس سنوات إلزامية، اذ لا عودة قبل مضيّ هذه الأعوام الخمسة. وقد اقترحت ان يسافر زوجها اولا لتأمين مكان مناسب لهم لكن القرار جاء بالرفض. وهذا يعني انه، وبحسب نور، “اذا عادت الأحوال الى سوريا بلدي قبيل إنقضاء السنوات الخمس فلن نتمكّن من العودة!!”.

أشارت إليها إحدى قريباتها بالذهاب الى مؤسسة لا وجهة دينية لها تقدّم لها الطبابة  فوصلت إلى  “مؤسسة عامل”. وتعترف “نور » بأنها كانت تدري بان الحيّ بل المنطقة التي نزلت فيها كلها من المسلمين الشيعة وهي المسلمة السنيّة الملتزمة، ولكن  العاملون في المؤسسة  قالوا لها أنهم لا يريدون معرفة أي شيء عن هويتها تلك فارتاحت للأمر وهكذا كان.

فقصدت المركز في شارع بعجور القريب من منزلها، وتطببت هي وزوجها وأولادها. شعرت براحة كبيرة، إضافة الى أنها علمت بإنطلاقة دورة مهنيّة خاصة بتصفيف الشعر للنساء، وهي التي تحتاج لشهادة لبنانيّة لتعمل فانضمت الى الدورة، واكتسبت الكثير منها، أولا المهنة بشكل متطور، والتعرف من خلال الطالبات على صديقات سوريات، اضافة الى العلاقات الإجتماعية. انها اليوم تعمل في صالون يوّفر لها الأقساط المدرسيّة لأولادها الذين سجلتهم في مدرسة خاصة، هذه المدرسة التي قدّمت لها المراييل والكتب مجانا، وساعدتها من خلال تخفيض الأقساط، وهي التي لم تجد لهم مكانا في المدرسة الرسميّة.

وتؤكد نور القادمة من حلب القديمة ان زوجها كان يعمل  معلما “شيفا” في مطعم، لكنه عانى هنا في بيروت كونه لم يحظ بالفرصة نفسها، فاضطر للقبول بموقع أقل ليؤّمن راتبا يصرفه على أطفاله، وهو كما تقول نور “يتفّهم ضيق اللبناني من السوريين اللاجئين كوننا أخذنا منهم أعمالهم، وهم محقون بتعاملهم معنا بجفاء أحيانا”.

وتشيد “نور” بجيرانها الذين ساعدوها في تأثيث منزلها الصغير ببعض الحاجيات. وتؤكد ان “معاملة الجميع  لها كانت مميّزة أيضا وأن المؤسسة الاجتماعية إهتمت بابنتها الصغيرة التي “تعاني نتيجة ما شهدته في حلب من قصف ودمار من التبول اللإرادي”، وهي تعالجها وتتابع حالتها مع الأخصائي الطبي والأخصائية النفسيّة أيضا.
سجلت “نور” حين وصولها أبنائها الثلاثة وهم بعمر 12و9 و3 سنوات،  في دورات تقوية باللغة الإنكليزية ، وهذا ما ساعدهم في دروسهم لاحقا.
وتختم نور لتقول بحزن “رغم كل المساعدة التي تلقيّتها أنا وعائلتي هنا إلا أنني أقول الآن عرفت قيمة بلدي حيث كان كل شيء في سوريا مؤمّنا ومجانا”.
* تقع بلدة برج البراجنة في قضاء بعبداغرب العاصمة بيروت ويختلط في أحيائها  أبنائها الأصليين بالقاطنين القادمين من البقاع أو من الجنوب، اضافة الى اللاجئين الفلسطينيين في مخيم سُميّ باسم البلدة نفسها (مخيم برج البراجنة). وأقيم مركز المؤسسة الإنسانية في منطقة هادئة نسبيا، هو شارع بعجور، وهذه المنطقة معروفة ا بكثافة السكان لذا عليها اسم “الصين الشعبية”..