- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“داعش” كاسحة ألغام للجيش السوري

Moammar 2016معمر عطوي

لا يكفي مقال واحد أو دراسة واحدة للإحاطة بتنظيم “الدولة الإسلامية” من ناحية التأسيس والبنية العسكرية والتمويل المالي والعناصر وشخصية القيادة والفكر الذي يتبناه.

لكن أفضل ما يمكن قوله إن هذه العصابات الإرهابية المنظمة ليست مجرد مجموعات متحمسّة تتبنى الفكر “السلفي الجهادي” لاقامة “شرع الله”، بل هي تنظيم عالمي متشعب العلاقات والأعمال والاهتمامات على طريقة المرتزقة الذين يخدمون اجهزة استخبارات وحكومات في اطار تحقيق مصالح متبادلة. لذلك نجد ان لكل دولة من دول الشر مصلحة في تشغيله أو تشغيل بعض خلاياه لتحقيق مآربها، بدءاَ من سوريا والعراق وصولاً الى الولايات المتحدة وبريطانيا، مروراً بايران وتركيا وروسيا.

هو عبارة عن شركة مساهمة عالمية تأسست على أيدي عباقرة الاستخبارات البريطانية الضليعة جداً في الحركات الإسلامية، واتخذت المسار العقائدي “السلفي – الجهادي” وهو مرحلة أعنف وأقسى من الفكر الوهابي، إذ تشكلت هذه الذهنية “الجهادية” في أفغانستان خلال الثمانينات وهي مزيج من عقيدة السلفية الوهابية وفكر “حاكمية الاسلام” الذي ظهر مع الكاتب الإسلامي الهندي أبو الأعلى المودودي وتبناه الكاتب المصري سيد قطب في “معالم في الطريق”. هذا الفكر الإقصائي الذي انتقل الى بعض قواعد “جماعة الاخوان المسلمين” وبالتلاقح مع السلفية الوهابية أنتج “السلفية الجهادية”. لأن الوهابية في الأصل تطلق أحكاماً لكنها لا تمارس العنف أو الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الا من خلال الدولة السعودية. أما “السلفية الجهادية” فهي فكر إرهابي يختار من النص الإسلامي ما يناسبه لممارسة العنف والإقصاء. وقد تستخدم هذا التنظيم الاستخبارات السعودية كما تستخدمه الاستخبارات الإيرانية أو غيرها من أجهزة تعمل بنشاط كثيف هذه الأيام في المنطقة ضمن حرب عالمية ثالثة مبطنة، حول مصادر الطاقة خصوصاً الغاز والنفط.

لعل التطورات العسكرية الأخيرة التي تؤكد تقدماً للجيش السوري ومرتزقته، خصوصاً في دير الزور وريف حلب، سبقتها معارك بين “داعش” والفصائل الأخرى (وبعضها ثوري بامتياز). هذه المعارك تبعتها معارك أخرى يقال إنها وهمية بين الجيش والتنظيم الإرهابي، كانت فيه الغلبة للجيش.

على ما يبدو أن “داعش” هو كاسحة ألغام ممتازة تناسب النظام الذي يتسلم مناطق المعارضة نظيفة من دون جهد كبير بفضل “الارهابيين الذي اطلق بعضهم من سجونه بداية اندلاع الثورة السورية.

وفي حين يزعم الروس أنهم يضربون مواقع “داعش” تظهر الصور بشاعة مجازر “الدب” بحق أطفال سوريا وبحق الفصائل المعارضة المعتدلة الثورية الحقيقية، والتي تدّعي موسكو أنها تسعى لإقناعها بمحاورة النظام. أما من يُقتل من “داعش” فهي تستخدم كدليل لإقناع العالم بأن الحرب ضد “الارهاب” تؤتي أكلها.

واذا ما نظرنا الى “داعش” الذي يتواجد على حدود لبنان، فهو لا ينفك يشكل ذريعة في ايدي “حزب الله” لإقناع جماهيره بتدخله في سوريا من حجة حماية المقامات والقرى الشيعية وصولاً الى حجة دفع الارهاب عن لبنان. لكن هذه الذريعة لا تصمد كثيراً حين نرى أن الحزب الذي أوجع القوة العسكرية الأكبر في المنطقة “اسرائيل” في العام 2006 وما فإن جل اهتمامه محاربة الفصائل الاخرى التي تحارب نظام الاسد من “الجيش السوري الحر” وتنظيمات إسلامية متشددة أخرى تشكل المواجهة معها امتداداً لنبؤات شيعية حول قتال أهل السنة قبل ظهور المهدي.

جل ما يمكن قوله عن “داعش” انه شركة مساهمة بامتياز تعمل وفق أطر الرأسمالية الغربية، بنظام الراتب السنوي المناسب لما تقدمه من أعمال لكل زبون.. وطبعاً لا تنسوا “الكوميشن”.