حرب مفتوحة بين يكيليكس وCiA

تضع عملية تسريب جديدة لالاف الوثائق السرية وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) في مأزق وشكلت ضربة موفقة لموقع ويكيليكس.

وكشف الموقع نحو تسعة الاف وثيقة قال انها جزء فقط من مجموعة كبيرة من السجلات والخطط والتشفيرات لبرامج تخريبية بحوزته وتشكل على حد زعمه كامل الترسانة الاميركية للقرصنة المعلوماتية.

ومضى مؤسس الموقع جوليان اسانج ابعد من ذلك منددا باهمال الوكالة الشديد الذي ترك ثغرة مكنته من قرصنة هذه المعلومات من خلال مجموعة المتعاقدين المرتبطين مع الاستخبارات الاميركية.

وقال اسانج “انه عمل تاريخي من عدم الكفاءة الكارثي، أن تبني ترسانة مماثلة ثم تخزينها كلها في مكان واحد”.

من جهته، اعتبر الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان التسريبات دليل على ان انظمة السي آي ايه “عفا عليها الزمن”، الا انه لم يوجه اي انتقاد لويكيليكس على كشفه اسرار اميركية.

هذه هي المرة الرابعة التي يتم فيها تسريب هذا الكم من الوثائق السرية للاستخبارات الاميركية في غضون اقل من اربع سنوات.

وكانت وكالة الامن القومي (ان اس ايه) تعرضت لضربة مدوية في العام 2013 عندما كشف متعاقد سابق معها يدعى ادوارد سنودن وثائق تكشف كيف قامت هذه الوكالة سرا بجمع بيانات عن اتصالات الاميركيين وبالتجسس على دول حليفة.

ومطلع العام الماضي، عرضت مجموعة قرصنة سرية اسمها “شادو بروكرز” للبيع على الانترنت رزمة من وسائل القرصنة قالت انها سرقتها من وكالة الامن القومي.

وفي اواخر العام 2016، اكتشفت وكالة الامن القومي ان متعاقدا اخر يدعى هارولد مارتن نقل الى منزله ما يقارب 50 تيرابايت من البيانات والوثائق من بينها ادوات قرصنة حساسة.

حتى الان، لا يوجد دليل ان البيانات التي سرقها مارتن اطلع عليها احد اخر، ووجهت اليه الحكومة فقط تهمة نقل بيانات مصنفة سرية في ما يشكل انتهاكا لعقد عمله.

ويقول المتعاقد الامني بول روزنزفيغ ان النتيجة كانت “التدهور المتواصل في الثقة وضررا بسمعة الاستخبارات الاميركية”.

واضاف روزنزفيغ “جميع العاملين في الاستخبارات يشعرون بالقلق الان”. وتابع “اما في الخارج، اذا كنت من الاستخبارات البريطانية او الفرنسية او الاسرائيلية، فانني بصراحة سافكر مرتين قبل ان أسلم أي شيء الى الاميركيين”.

أدت عملية التسريب الى تحقيق مكثف في كيفية قرصنة هذه المعلومات التي تشرح بالتفصيل السبل التي تستخدمها السي آي ايه من اجل قرصنة ادوات الكترونية خاصة مثل الهواتف الذكية.

ويمكن ان يركز التحقيق على ما اذا كان هناك اهمال في الرقابة التي تفرضها وكالة الاستخبارات على المتعاقدين الذي توظفهم من اجل ابتكار او تجربة وسائل للقرصنة.

او يمكن ان يتحول التحقيق كما تقول صحيفة “واشنطن بوست” الى عملية بحث عن عميل مرتد يسرب المعلومات.

اذا تبين ان تسريب المعلومات يتم عبر المتعاقدين فلن يشكل ذلك مفاجأة كبرى. فكل من مارتن وسنودن عملا لحساب احدى ابرز الشركات الخاصة في قطاع الاستخبارات وهي “بوز آلن هاملتون”.

واشار تيم شوروك الصحافي ومؤلف كتب “جواسيس للايجار: العالم السري لتعاقدات الاستخبارات” الى “طفرة” في لجوء وكالات الاستخبارات الى المتعاقدين في العمليات الالكترونية، بما في ذلك ضمن القوات المسلحة.

وتابع شوروك “هذه الهيكلية البيروقراطية مؤاتية للتسريبات. اذ ستعثر ضمنها على شخص تعتريه تساؤلات”، في اشارة الى قرار سنودن كشف اسرار وكالة الامن المركزي بعد ان تبين له انه لا يؤيد افعالها.

لكن عمليات التسريب الكبرى لم يكن كلها مصدره متعاقدين. فقد كانت المجندة المتحولة جنسيا تشلسي مانينغ التي سربت مئات الاف الوثائق حول الاتصالات الدبلوماسية في العام 2010 وذاع صيت ويكيليكس بعدها، محللا في استخبارات الجيش الاميركي آنذاك.

شكك بعض مسؤولي الاستخبارات الاميركيين الذين رفضوا الكشف عن هويتهم في تبرير التسريبات بالمتعاقدين، لكن دون ان يكشفوا الاتجاه الذي يسلكه التحقيق.

قسم من هؤلاء المسؤولين وجه اصابع الاتهام الى روسيا بعد ان كشفت الاستخبارات الاميركية تدخل موسكو في الانتخابات الاميركية لدعم ترامب في حملته ضد المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون.

يقول روس شولمان احد مدراء مجموعة “مبادرة الامن الالكتروني” في معهد “نيو اميركا” للدراسات في واشنطن “هناك تكهنات كثيرة حول ما كانت روسيا من يعطي التسريبات الى ويكيليكس لاحراج الاميركيين. لكن كلها فرضيات لا تستند الى وقائع”.

وفي ما يتعلق بما قاله ويكيليكس بان مصدر معلوماته هو من متعاقدين “سأتعامل مع كل ما يقوله ويكيليكس علنا بكثير من الحذر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *