بمناسبة اليوم العالمي للمسرح: مروحة الابداع

منى مرعي (نقلاً عن صفحتها على فيسبوك)*
عن اليوم العالمي للمسرح:
لما فتت عالجامعة عملت مسرح لإن كان بدي أعمل سينما وبالجامعة اللبنانية ما كان في غير مسرح. تخرجت. اشتغلت سينما وتلفزيون. بلحظة حسيت حالي مكنة، آلة هرس واستهلاك (على الرغم انه القصص اللي اشتغلتها ما كتير راحت بهيدا الإتجاه بس بردو البلاتفورم بحد ذاته بيعملك هيك). وبعد سنين، رجعت للمسرح…
بيقولوا انه وحدة من ميزات المسرح انه سريع الزوال (ephemeral) ينتهي بانتهاء العرض. المسرح اليوم بعالم سهولة الوصول للكون أو لصورة منه، لما العالم بيتحول لبيكسلز وداتا مرقمنة، المسرح بيصير كل شي ممكن يسترد روح الإشيا، التجربة المعاشة الحقيقية اللي بتبقى….اللي بتردلنا شقفة من انسانيتنا المسلوبة والمرتهنة لشبكة من أدوات المنظومة الإقتصادية اللي عايشينها اليوم.
في كتير منظرين وأساتذة مسرحيين لما بلشت الكورونا اعتبروا انه الشاشة الإلكترونية رح تؤدي لموت المسرح كفن….المسرح اللي اله ٢٥٠٠ سنة موجود (اذا بدنا نرجع لنظرية انه المسرح تم مأسسته مع اليونانيين سنة ٥٣٠ قبل الميلاد تقريباً من خلال مهرجان مدينة ديونيزيا وفي قبله مهرجان الباناتينايا سنة ٥٨٠ قبل الميلاد ). وفي قبله طقوس دينية أدائية أقدمها موجود في كتابات ايخرنوفرت وطقوس ابيدوس الفرعونية التي تعود لما يزيد عن ٢٠٠٠ عام قبل الميلاد.
ليش عم قول كل هيدا: المسرح موجود بيوم عالمي وبلا يوم عالمي، بطقس يومي لا ديني او ديني، المسرح هون ان كان مرتكز على نص درامي ارسطوطالي او على جسد الممثل وملحمية بريخت او الطالع من قسوة آرتو او تقشف غروتوفسكي او مقهوري بوال او نمط الحكواتي السياسي مع روجيه عساف بلبنان وفرنسوا ابو سالم بفلسطين او فرقة الورشة المسرحية وحسن الجريتلي بمصر. المسرح باقي بنساء مخرجات رائعات متل سهام ناصر ولينا أبيض وحنان الحاج علي وغيرن كتير بعتذر اذا رح تفوتني كتير اسماء.
المسرح باقي بجملة بلانش بstreetcar named desire “I have always relied on the kindness of strangers” والجملة الأحلى لبلانش دوبوا “I don’t want realism, I want magic” لتينيسي وليامز
المسرح باقي بكل مشهد من مشاهد “البحث عن عايدة” لجليلة بكار “ولام ألف ميم المسرح”: … المسرح منّعنا[3] المسرح أعطانا رقعة نتنفس فيها فكانت لام للمسرح الجديد لام تناغم على ألف لام ميم ومنها ألم ومنها أمل ومنها مال ومنها لام لامَ يلومُ لوماً وانتحر لام مسرحية تنبّئية تحكي الهزيمة أسود قاتم خطاب متشائم في غرفة سوداء وطفل في الثالثة عشرة من عمره يقطع لسانه ويكتب بدمه على المرآة “الهواء قلّ والكلام ثقل ما عاد عنده معنى” (مقتطف من نص العرض)
المسرح هو مسرح بابل اللي ما عاد موجود ومسرح بيروت ذاكرة المدينة اللي مصيرها معلق متل المسرح اللي على عين المريسة، المسرح هو المسرح الكبير اللي ما عرفنا لحد هلق نعيد أحياؤه
وهو مسرح المدينة المتنقل من كليمنصو لنزلة السارولا وجهود نضال الأشقر للبقاء…وهو منى كنيعو ذاكرة من ذواكر المسرح لازم تننبش
المسرح هو مسرح الغرفة أو الحجرة مع الأخوين ملص، وفاديا التنير ومحاولة يارا أبو حيدر
المسرح هو promenade theatre متل “انتا وراجع لورا انتبه” لسحر عساف وروبرت مايرز والأهم هو طواف المدينة لرئيف كرم بوج الحرب يالثمانينات…
المسرح هوي غرام زياد ابو عبسي بشكسبير
وهوي شوشو وكيف هشام جابر اشتغل على شوشو بعرض تخرجه
المسرح هو عملية التذكر….واستحضار…طقس بيساعدنا نرجع نحب ونقول انه عشنا شي حلو (أو بشع بس بعدنا هون) بلحظة ما
المسرح هو صناعة ممنهجة للفرح كفعل مقاومة….مترو المدينة وهشام جابر مثال وموجة الستاند آب كوميدي المنتشرة حالياً ببيروت. والمسرح هوي عروض ما رح يتعؤف عليها جيل المترو متل “خبز عربي” وعرض “نجيب البراكس” لهشام جابر جو تاني دارك على عبثي على بورليسك….
المسرح هو نقائض تتقاطع متل مسرح الرحابنة وبناء الهوية اللبنانية ومسرح زياد الرحباني وعبثية الحرب الأهلية…
المسرح هو مسرح أنتروبولوجيا الطوائف الطايفة على بعضها سحر وفانتازيا مع يحيى جابر خياط حكايا الحواري والبيوت والممثلين اللي بيشتغل معن ، إسمي حوليا مع أنجو ريحان وبيروت طريق الجديدة مع زياد عيتاني وتعارفوا اللي ما حضرتها وشغله مع حسين قاووق….
المسرح هو قطعة الكهربا والبرد بنص دين بروفا بالشام أو ببيروت….وبروبوزالز لجهات مانحة ما بتخلص…المسرح انك ما تلاقي محل تتمرن….وآخر شي تتمرن بالحديقة العامة (متل ما صار معي مرة)
المسرح هو اصرار أسامة غنم ونورا مراد وساري مصطفى وكريستال خضر وعوض عوض بمسرحية أيوبة وميرا صيداوي (كل الحق عليي) وشباب ما بعرفن وما بحياتي شفتن مصرين يحاولوا متل ماريان صلماني ومحمد عيتاني ، وبيروت فيزيكال لاب ومروان وجلال الشعار…واذا في حدا بيعرف هالاسامي اللي ما بعرفها، يوصلّن انه في حدا شايف ومقدّر جهودن من بعيد (بغض النظر عن قصة النوعية، في عندن كتير وقت كشباب ولإن أوقات بيكون كتير مؤذي عدم الإعتراف والتقدير لجهود الناس )
المسرح هو استمرار مشروع روجيه عساف االبحثي ومجلداته التوثيقية وكتب
وأبحاث الأساتذة الرائعين ماري الياس وحنان قصاب حسن
المسرح هو مقالات نهاد صليحة وكتابات وطفاء حمادي (السلام لروحيهما) ونزيه أبو خاطر (السلام لروحه)
المسرح هو عروض ما شفتها متل الجيب السري (سهام ناصر) والمهاجران (سامر عمران وأسامة غنم) والحارس لبطرس روحانا (١٩٩٣) وthat breath we held لعلاء ميناوي و”لعل وعسى” لكريستيل خضر وفاديا التنير وعرضها الأخير ببيتها….
المسرح هو محاولات كتاب مسرح متل أرزة خضر ومسرحيتها البيت وفاليري كشار وهالة مغنية بنصها المسرحي الفرنسي tais toi et creuse واللي أخذ جايزة rfi. المسرح هو نصوص يوسف سعد اللي توفى بفرنسا وطبعت أعماله بعد وفاته.
المسرح هو احتفالات الأيام العالمية للمسرح اللي عملناها بمسرح بيروت بين ال٩٩ و٢٠٠٢….وكان المسرح عن ينغل نغل بتجارب شباب وعروض أفلام سينما….ما بنسى يوم قدمنا مسرحية الدكتاتور/المغنية الصلعاء، كان المسرح مليان والأدراج معباية ناس وكانت حنان بعد العروض عم تروج لكتابات يوسف سعد (او يككن هاي غير سنة)
المسرح هو مسرح السجون، وفي كتير حكي لازم ينقال عن تجربة المسرحيين السوريين متل غسان الجباعي وغيرن بسجن صيدنايا وغير سجون (عرض وائل علي “ما عم أتذكر ” كتير مهم مش للمسرح تحديداً بس لممارسة الفنون بشكل عام داخل سجن صيدنايا). المسرح هو كمان تجربة زينة دكاش وقدرة المسرح على احداث تغيير حقيقي وملموس عبر تعديل مرسوم ٤٣٦ الخ.
المسرح هو الجامعة اللبنانية، معهد الفنون بالروشة، تحت الأرض، وقت كنا نتخرج مع شهادة ولطشة ربو أو حساسية…..ومعهد الفنون اليوم بفرعيه وكل مقاومة الأساتذة اليوم: الجامعة اللبنانية اللي هيي أشخاص متل وليد وكريم دكروب، وماريان نجيم، وعبدو نوار، ورويدا الغالي، وربيع الشامي وهشام زين الدين ومبادرة روجيه عساف الأخيرة…..(رغم كل عثرات الجامعة وذاكرتها السلبية والإيجابية. وهي كمان إرث روجيه عساف وبطرس روحانا وفايق حميصي وسهام ناصر ورئيس كرم وعايدة صبرا وجنى الحسن ويعقوب الشدرواي، وعادل شاهين ورافع عبدالخالق وغيرن من الأسماء اللي ما قادرة اتذكرها هلق بس وجوهن حاضرة)
المسرح هو روح الجمع والجماعة اللي حكي عنها روجيه عساف بكتابه بالثمانينات (نسيت اسم الكتاب بس عندي نسخة منه ببيروت) واللي تمثلت بفرقة مسرح الحكواتي، وقبل محترف بيروت، ومدرسة المسرح الحديث بالستينات وفرق ما بعد اال٢٠٠٦ اللي كانت حرب تموز لحظة محورية لتثبيت بعض الفرق متل زقاق، كولكتيف كهربا وشكلوا عدوى إيجابية لفرق لاحقة متل فرقة منوال، وغيرها من التشكيلات المسرحية بلبنان متل “لبن” و”مسرح شغل بيت” و”كلاون مي إن” و”جمعية تيرو” بصور مع تباين التوجهات الفنية لكل هيدي الفرق/التشكيلات. المسرح هو الفرق المسرحية الهاوية او المحترفة بالقرى أو الكشفية والمدرسية بالستينات والسبعينات اللي قليل ما ينحكى فيها واللي منها طلع ناس متل صلاح تيزاني وأسعد وفايق حميصي…. وفي من الفرق المسرحية السورية المتواجدة في لبنان فرقة “كون” (وبعرف انه أسامة حلال رح يعترض على تعريف الفرقة بسورية) وفرقة ايد وحدة للدمى اللي تعمل شغل حلو بمخيم شاتيلا….ومسرح انسمبل اللي كنت محظوظة اني اشتغلت معن لسنة تقريباً.
المسرح هو مذكرات أيوب لروجيه عساف والياس خوري وهو جملة “كان يا ما كان بهالزمان المكتفي” بمسرحية جنة جنة جنة لزقاق….
المسرح هو “حكاية الرجل الذي سكن ظلّه” لفادي توفيق وهاشم عدنان والمقال اللي ما قدرت أكتبه وقتها…..
المسرح هو مشاهد علقت بالذاكرة متل برولوغ عرض “زجاج” لأسامة غنم مع الممثل العظيم كنان حميدان والجملة الأخيرة “أيها المحكمون السفلة للصندوق الأسود للكاجو والفستق تباً لكم!!!!! التوقيع يوسف درويش” ومتل عرض “دراما” لأسامة كمان وهو اقتباس حر عن ترو وست لسام شيبارد ومتل صورة الصحون المكسرة المتشظية حول النساء المعتنفات وشهادتهن بعرض ب”بس أنا بحبك ” (٢٠١٦) للينا أبيض، وايفون ورسالة الإم لما راح ابنها يحارب بسوريا بعرض “جوغينغ” لحنان الحاج علي (٢٠١٧؟) ، المسرح هو عرض “أدخل يا سيدي نحن ننتظرك في الخارج” (١٩٩٧) لربيع مروة ونعمة ونعمة اللي ما بعرف منه الا عنوانه (رحت لأحضر العرض بمعهد الفنون، طلع انه المدخل من غير محل وبطل فيني فوت العرض)، المسرح هو عايدة صبرا وجوليا قصار بمسرحية فيترينا لنعمة نعمة ومسرحية الدكتاتور للينا أبيض، المسرح هو عرض “اخراج قيد عائلى” للينا الصانع (٢٠٠٠)، هو صفحة ٧ وبنفسج لعصام بو خالد، المسرح هو المغنية الصلعاء ـ١٩٩٥ وجنينة الصنايع (١٩٩٨) لروجيه عساف المسرح هو جنيد هاملت ماشين (اذا مش غلطانة) لفرقة زقاق (وكل شغلن) وهو كمان “شتي يا دنيي صيصان” وشو صار بكفر منخار” لكريم ووليد دكروب، المسرح هو حساسية ناس للتفاصيل الصغيرة متل أسامة غنم، عليا خالدي بعرضها عنبرة وعصام بو خالد وسوسن بو خالد وفادي أبي سمرا، و العالم البصري البديل عن بورنوغرافيا المأساة لأسامة حلال ب”الجانب الآخر للحديقة” ، ومسرحية محمد العضار وعمر أبو سعدى “بينما كنت أنتظر” و”أنتيغونا شاتيلا”، هوي مسرحية “يا ماكان” اخراج وحيد العجمي وأدوار رائعة ليارا ابو حيدر وحنان الحج علي وباسل ماضي وطارق بعيلة عم تحاول تركب ومضر حجي، ووائل علي وبيسان الشريف، ومايا زبيب، وويا الله شو بعد في أسماء….المسرح هو شفافية عرض أوكنو ببابل لعمر الجباعي..والinteriority المفصلة لحدّ الإختناق لكل شخصيات عروض ساري مصطفى .
المسرح هو معركة لينا خوري مع الرقابة وعرض حكي نسوان وهو كمان الدعوى القضائية اللي ربحها روجيه عساف ضد الجهات الرقابية بمسرحية مجدلون….المسرح هو حملة ردوا المسرح لبيروت ومحاولات عديدة قمنا فيها لإلغاء الرقابة المسبقة على المسرح
المسرح هو حيرة وعملية مستمرة للتساؤل والمساءلة وعدم الثبات بقوالب مريحة….هو ميلو راو لما اجا على بيروت وعرض برايفيك ستايتمنت بمسرح مونو وكارلوس شاهين اللي وقف محتار بعد العرض وقعد يسأل: “بطلت عم أفهم….ليش بدي سمّي اللي شفتو مسرح؟”….وهوي كمان عرض “وهم” المؤرق المقلق لكارلوس شاهين اللي انعرض بأرصفة زقاق..
المسرح هو الناس اللي بطلوا عم يشتغلوا مسرح متل ايلي كرم ونصه “تعا كول مجدرة يا صبي” ونص بعد ما شاف الضو لشب اله سنين بيعيد كتابة نصه اسمه حسن الملا . المسرح هو ناس ما عدنا شفناهم، فادي أبو خليل اللي اختفى أثره، منذر بعلبكي عبقري تمثيل…. وممثل الجامعة اللبنانية الأميركية محمد شريف وإطلالات رياض شيرازي المحدودة….
وهو صفحة مسرحجي على فايسبوك اللي نشطت كم شهر قبل ما تختفي
المسرح هو أرشيف صور حسام مشيمش اللي وثق المسرح لأكثر من عشر سنين وبعدين هاجر على اميركا…..
المسرح هو مسرح الشارع وتجربة الأصدقاء بالإسكندرية وتونس وزيكو بلبنان…لما مهرجان مسرح الشارع. المسرح هوي المسرح اللي بيكمل ويكتمل مظاهرة بالشارع متل مجدلون ومتل عوض عوض مؤخراً…..
المسرح هو مهرجان أيلول بالتسعينات
هو عيد اللبنة اللي خبرتني عنه عايدة ببيت زيكو…..
المسرح هو رينيه ديك….
رندى الأسمر
وعايدة وزكي أحباب القلب
وأنطوان ولطيفة ملتقى اللي ما بعرف الا بإسمن
وريمون جبارة وكميل سلامة
المسرح هو زيكو….
هو تشاؤم جلال خوري بسنواته الأخيرة
هو يعقوب الشدراوي لما كان عم يشرحلنا بالصف وكفه عم يرجف شو يعني perspective من خلال لوحات Velasquez
هو أغاني أحمد قعبور وحكايات غازي مكداشي وحسن ضاهر ونجلا جريصاتي خوري بمسرح الدمى…..
المسرح هو قلق مريم بو سالمي التونسية الجميلة بصداميتها اللي عملت أكثر من عرض مدهش…..منها عرض “نظرة على العالم” وهو عرض بالظلمة التامة.
هو خزانة بشارة عطالله وسينوغرافيا سرمد لويس وبسمة بيضون ودراماتورجيا عبدالله الكفري وجنيف سري الدين ووسيم الشرقي وأسامة غنم….وإضاءة علاء ميناوي و و و و و….
المسرح هو اللحظة يللي بتشوف فيها جمهور افينيون بstanding ovation لعرض علي شحرور….سنة ال٢٠١٨
ويا الله شو لازم كل هيدي التجارب تتوثق بكتابات وأوراق بحثية وكتب…..كل عام وانتو بخير….
وشو بعد عبالي بعد أذكر عروض وناس تنفسوا مسرح وعملوا خشبة وابداع من ولا شي، من اللحم الحي….بس ياجماعة امتحانات الدكتوراه للسنة الثالثة بتبلش بكرا…والي من وقت ما وعيت عم قطّع وقت، كأني بحالة إيهام مسرحي فاصلني عن كل شي لازم أعمله وحضرله للامتحان… بعتقد هيدا الشي اللي رح يحميني…..
وخلص النهار وبعدني عم عدّل وزيد على هالبوست…
https://www.facebook.com/monamerhi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *