الإعلام العربي: إضعاف العقل والدفع نحو «تيك توك» و«يوتيوب» و… و…

بسّام الطيارة

قبل اسبوع «احتفل» بشكل خفي جداً بـ«يوم الصحافة» ! ضوضاء الحرب في شرق أوروبا والتبدلات التكتونية في التحالفات بين الدول غطت بشكل كثيف على الاحتفال خصوصاً في الدول العربية.
إذا التفتنا إلى الصحافة العربية اليوم نرى أنها منقسمة إلى قسمين:
–  قسم غني يدعم منشوراته بقوة المال «بلا حساب» يبهر أنظار الممولين بتنوع المنشور ألواناً ومواداً…
– قسم مناضل لا دعم لمنشوراته إذ أن القراء (المناضلون)  يدعون له بدوام النشر من دون أي دعم مالي من قبلهم .
غني عن القول إن القراء (إن وجدوا) ينهمون الأخبار من المواقع الاجتماعية والقنوات وإن وُجِدوا فهم يلهثون وراء رمق الحياة اليومية في عالمنا العربي هذا منجذبين إلى هواتفهم المحمولة ومكبلين بما تحمله من «فيك نيوز» تداعب وتدلس تطلعاتهم.
رغم هذا نستطيع أن نضع أصبعنا على ما يشكل «ضعف هيكلية الصحافة العربية».
على «إدارة تحرير» (فريق كانت أن إفرادية كما هو الحال في العديد من المواقع) لأي وسيلة إعلامية أن تضع نصب عينها ما يلي من قواعد إعلامية هيكلية أساسية وطرح أسئلة بديهية نختصرها بما يلي بالتشديد على أن كافة الصحف باتت تنتشر – أيضاً- على مواقع في الشبكة:
١- من انا؟ (أي ما هو هدف الوسيلة الإعلامية) : إعلام، نضال، تسلية، توعية، خدمات ألخ…
٢- لمن تتوجه الصحيفة؟ (الهدف يحدد ارتفاع أو انخفاض افق التلقي -قدرة القارئ على فهم ومتابعة ما يُنشر-  أي البحث عن القارئ)
٣- من يصل لي ؟ (من يقرأ -يتصفح- القارئ في السابق كان يشتري)
٤- كيف يصل لي ؟ (تواتر، أم الشهرة، أم الإعلان، أو الصدفة !إلخ… )
٥- عن ماذا يبحث؟ (اهتمام افق التلقي أي القارئ)  (مرتبط  بـ ١)
٦- هل يوافقه ارتفاع افق التلقي (النخبوية أو التنويع المكثف؟
٧- في حال كان المطلوب (من قبل القارئ) موجود (أي تحت افق تلقي القارئ) هل توجد سهولة في الوصول للمطلوب؟
٨- (رقمياً) كم دقيقة يقضيها القارئ على الموقع؟
٩- هذه الدقائق هل هي للتصفح ام للتنقل من باب الى اخر للقراءة ؟
١٠- هل يصل إلى الموقع عبر حاسوب أو هاتف ؟
هذا هو السـؤال الكبير ذلك أنه وفقًا لمسح أجراه «الباروميتر العربي في عام 2018»، استخدم معظم المشاركين في الدول العربية هواتفهم المحمولة للوصول إلى الإنترنت. على سبيل المثال: قال 87٪ من المجيبين في مصر و 85٪ في الأردن و 81٪ في تونس و 78٪ في الجزائر أنهم استخدموا هواتفهم المحمولة للوصول إلى الإنترنت وقراءة الأخبار (من غير المعروف ما إذا كان تعريف الأخبار هو عبر المواقع الاجتماعية أم الصحف المنظورة على الشبكة) ، بينما كانت نسبة مستخدمي الكمبيوتر أقل بكثير. ربما تغيرت هذه الأرقام منذ هذا الاحصاء، لكنها تشير إلى أن نسبة المتحدثين باللغة العربية الذين يستخدمون هواتفهم المحمولة لقراءة الأخبار مرتفعة جداً،
من هنا إذ ألقينا نظرة على كبار الصحف والمواقع الإعلامية نرى أن معظمها (خصوصاً المتمتع بدعم مالي كبير) لا تطبق هذه المعايير.
فهي إما مكثفة بشكل كبير وكأن القارئ لا عمل لديه سوى تصفح كماً غير محدود بشكل «موسوعة تصدر يوميا» بالطبع هذا يدغدغ فخر الممولين وعلى سبيل المثال وليس الحصر :
«العربي الجديد» مثلاً حيث مردود الغاز يفوح من تراكم أسماء كتاب من هب ودب. وكذلك «الشرق الأوسط» حيث دس أخبار المملكة السعودية في كل زاوية وفي «… على الغلاف» يجيب على التمويل الكثيف . في موقع «الميادين» كأن القارئ في قاعة تدريب بوكس تفوح فيها رائحة إيران وسوريا و«البانشيغ بول» هو أمريكا والمصفق هي روسيا و…الصين. أما في «البيان» فالمحتوى «ظاهر وباين» من الصفحة الأولى بشكل يذكر بصحافة «موبوتو» الأفريقية، تماما مثل صحيفة «الجمهورية» حيث في كل غلاف لصاحبها صورة تسويقية! وكذلك «أخبار اليوم » الجزائرية حيث تحل يومياً صورة «الرئيس» وعودة إلى «الذاكرة» وكأن الصعب الجزائري يتناسى معاناته تحت الاستعمال الفرنسي. وبالطبع هذا التذكير هو استعمال ديبلوماسي للذاكرة الوطنية. أما «بيان اليوم» المغربية فيه حافلة بأخبار … ولي العهد في الصفحة الأولى، كما هو حال صحيفة «آلوطن» السورية حيث صورة رئيس الدولة حاضرة في كل نشرة.
هذا كم صغير من فيض كبير.
مختص الكلام أن ضعف التمويل … أو فائض قوة الأموال المدسوسة على الإعلام العربي، يدفع بالجمهور العربي نحو المواقع الاجتماعية التي تساهم بإفقار الوعي العام العربية بحك كسل العقل عبر «تيك توك» ويوتيوب» وما شابه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *