الرئيسية » رأي » فداء عيتاني »

داعش: الاحتلال بالقضم وتصفية الاعلام

اخذت الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) كل فصيل في سوريا على حدة، لحسن حظها ان الفصائل هذه غير متحدة تحت قيادة واحدة، ولا تنسيق فعلي بينها، كل ما هنالك بعض اللقاءات الجانبية، والتنسيق الميداني اللحظي حين التحضير لمعركة ما، ولحسن حظ داعش ان الفصائل لا تتمتع بعلاقات الود في ما بينها، ولحسن حظها ايضا ان العديد من هذه الفصائل اخطأ بحق شعبه وعاد الى ممارسات النظام، او الانكى انه راح يجمع الاموال والعتاد دون تبصر.

ولحسن حظ داعش ايضا وايضا ان النظام السوري احبها واعلامه واعلام حلفائه ضخماها، فباتت سيرة داعش تشبه سيرة الغول، وكانت تسعى للتحول الى غول حقيقي عبر استفراد الفصائل السورية المقاتلة سواء تحت اسم الجيش الحر او الاسلاميين السوريين المعتدلين، لولا تبصر البعض من جهة ومجموعة من الممارسات التي بدأت داعش بالقيام بها سهلت لاحقا ضربها.

في شهر آب العام 2013 كان احد القادة من الثوار يجلس ويسر لضيف من ضيوفه بان الوضع لم يعد يحتمل، داعش باتت تسيطر على الارض وتنهب مستودعات الذخيرة، تنقل ما فيها الى اماكن اخرى، كلما اوشكت منطقة على السقوط من ايدي النظام تصل داعش وتقترح المشاركة في مهاجمتها، فتسقطها وتستأثر بما فيها من ذخائر ومعلومات وتعطي الفصائل النذر اليسير من الذخائر، ثم تطردهم من ارض المواقع التابعة للنظام السوري.

ليس الجانب العسكري ما اغاظ القائد، كان يتحدث عن التعامل الفوقي لداعش مع الفصائل كأمر يمكن تجاوزه لو كانت تقاتل ضد النظام السوري وتسعى الى اسقاطه، الا انها كانت قد بدأت تفتعل المشكلات في المناطق مع الجيش الحر، في الدانا، خط الامداد الرئيسي والممر الى المعبر الحدودي للسكان قطعت داعش رأس قائد هناك يدعى فادي القش، ثم قتلت في منطقة اللاذقية ابو بصير، واشتبكت مع لواء عاصفة الشمال وانهته واحتلت اعزاز.

القائد كان يتحدث عن مصير السكان المدنيين، يمنعونهم من الكلام ومن التفكير ومن الاعتراض، في الدانا اختفى طفل تعرض لاغتصاب من احد رجال ابو اسامة التونسي (القائد في داعش) واختفى معه عدد من الاطفال، وفي الدانا تم اطلاق النار على المتظاهرين المحتجين، وفي دارة عزة تمت السيطرة على المدينة الصغيرة بالكامل من قبل داعش، وكذلك في العديد من المناطق في الريف الغربي. وباتت حياة السكان خاضعة لمزاجية داعش، التي اصبحت محاكمها الشرعية تشبه مسرحيات العبث، الجلاد يحقق مع المتهم ثم يعرضه على قاض، فيتحدث القاضي لمدة دقائق قبل ان يحكم باعدامه.

القائد يومها اسر لضيفه ان عمر داعش ستة اشهر، لن تعيش اكثر، الناس لن تتحمل، وبالمقابل قال له الضيف: اولا على الناس ان تسبقك الى مقاتلة داعش، والا فستتهم بالكفر والردة حتى من قبل بعض السكان، وثانيا فان هناك ثمن ما يجب ان يتم دفعه مقابل رأس داعش، فان كان من يدعون انهم اصدقاء سوريا قد دفعوا لكل فصائل الجيش الحر والاخرى الاسلامية ثروات، تبين لاحقا ان بعضهم اودعها في حساباته الخاصة، فان ثمن رأس داعش يجب ان يكون اعادة تصويب الخطى نحو ضرب النظام عسكريا.

في تلك الفترة وحتى شهر كانون الاول من العام الماضي كانت داعش تتمدد لاكثر مما يسمح لها حجمها البشري، هناك من صدق بان هذه المنظمة قادرة (وبحسب روايات النظام واتباعه) على السيطرة على المناطق المحررة، تمدد داعش ترافق مع تحديدها لاخصامها والمطلوبين الاول لديها.

الفئة الاولى هي الاعلاميين: كان لا بد لداعش، وبحسب عدد من القادة المحليين في الثورة السورية، القضاء على الاعلام المحلي، ومنع المراسلين من الدخول الى سوريا، واطفاء الخبر السوري من عن شاشات التلفزة في العالم وتحويله الى خبر في خانة “الارهاب الدولي”. ما الغاية ومن المستفيد؟ فليحلل كل على هواه، الا ان القادة الميدانيين يبحثون في اصل وفصل ابو بكر البغدادي، وفي افعال قادته، وهم لا يشكون في اخلاص العديد من المقاتلين لقناعاتهم، ولكن العديد من الامراء وحتى من المقاتلين في المقابل من ذوي السمعة السيئة والافعال المشينة، كما ان عددا منهم يتعامل مع اجهزة امنية مختلفة.

ان كان ا يقوله القادة يسندونه الى امرين: وثائق لن يكشفوا عنها وتحليل مجريات الامور، فان لنا ان نبقى على الحياد وانتظار الدلائل التي يملكها هؤلاء.

الا ان استهداف الصحافيين، واعتبارهم كفرة، والحكم عليهم بقطع الرأس مباشرة لحظة اعتقالهم، حول العمل الصحفي عملية انتحارية في المناطق المحررة من سوريا، وخاصة في الشمال والشرق.

الفئة الثانية المستهدفة هي الضباط المنشقين: يتحدث القادة الميدانيون عن اختطاف وتصفية العديد من الضباط المنشقين من جيش النظام، ويعتبرون ان هدف التصفية هو افقاد الجيش الحر والفصائل المقاتلة الخبرة العسكرية الضرورية لمتابعة عملها، واضعافها امام تمدد الدولة.

الفئة الثالثة هي القادة: لم تستهدف داعش القادة من الجيش الحر، بل ايضا من الفصائل الاسلامية الاخرى، احرار الشام على سبيل المثال، وجبهة النصرة القاعدية هي الاخرى، وغيرها من الفصائل، وفصائل اسلامية معتدلة.

بعد كل ضربة كبيرة كانت القيادة (المهاجرة) في داعش تطلب التهدئة، وتعلن استعدادها للجوء الى التحكيم، وتلتجيء لطلب مساعدة جبهة النصرة حينا واحرار الشام حينا اخر، وتعمل على هضم ما قضمته والاستعداد للضربة التالية، هكذا سقطت الدانا وابدت داعش استعدادها للخضوع للتحكيم، وهكذا سقطت اعزاز وكانت داعش هددت بانها “اتية للذبح والسبي والغنم” وتدمر لواء عاصفة الشمال وذاب، وابدت داعش استعدادها للمساءلة، وهكذا حصل في العديد من المناطق، وسقطت تل رفعت ومارع وغيرها.

ولا تلبث داعش ان تفتح معركة اخرى، فحينا تقصف نبل والزهراء القريتين الشيعيتين المحاصرتين، وحينا تشتبك مع الاكراد، ثم تعود للقضم من الثورة السورية ومن مناطقها واسلحتها وتحاول السيطرة على القشرة الحدودية الممتدة من هاتاي في تركيا الى اخر الانبار في العراق.

كان الامر ليبدو مشابها في الاتارب، وكانت داعش لتسقط الاتارب وتعمل على تهدئة مؤقتة قبل ان تتجه لمنطقة اخرى، لولا امرين، الاول هو تجمع جيش المجاهدين، الذي تشكل على عجل وضم فصائل صغيرة وكبيرة من الريف الحلبي وادلب وصولا الى اطراف حماه وربما اكثر من ذلك، وثانيا اعتراض “كتائب نور الدين الزنكي” التي يقودها توفيق شهاب الدين، المشارك في جيش المجاهدين، على مرور دعم ارسلته داعش من موقعها الكبير في “الفوج 111″ ومن قرية دارة عزة باتجاه الاتارب.

لولا ذلك لا وقعت المعركة بين داعش وبين باقي الفصائل، الا ان الاشتباك الذي بدأ في محيط قرية توفيق شهاب الدين الشيخ سليمان، وقربها قبتان الجبل، وصولا الى كل مناطق تواجد الزنكي وقوات جيش المجاهدين ادت الى التحاق العديد من الفصائل بالقتال لضرب تواجد الدولة الاسلامية، وانهاء حالتها من حلب وادلب.

اليوم لا تزال المعاركة دائرة، الامداد الذي ارسلته داعش لم يتخط الحدود الشرقية للريف الحلبي، ولم يعد لها من وجود في اغلب المناطق اللهم الا الخلايا النائمة، وهي تفعل المستحيل لانقاذ صورتها وهيبتها استعادة حالة الخوف التي حكمت بها الناس لما يقارب العام، الا ان توفيق شهاب الدين، يتحدث ضاحكا عن قوة داعش، “استمرت المعركة الفعلية حوالي عشرة ايام، خسرنا فيها الكثير من خيرة شبابنا، لن نسمح لهم بممارسة لعبة الخبث واستخدام حسن نوايانا، لو اعطينا ما لدى داعش من ذخائر واسلحة لكنا طردنا النظام من كل حلب وادلب وغيرها من المناطق”.

لا يمكن اخراج هذه المعركة من دائرة التجاذب الدولي، ولكن ومع مراجعة الميدانيين وقادة المناطق، فان الميدان حكم بالمواجهة، وليس العوامل الخارجية، الناس سبقت الثوار مجددا، وبخلف المقاتلين من الفصائل كانت مجموعات من مئات المقاتلين اعمار بعضهم تتجاوز الخمسين عاما، يتسلحون باسلحة بدائية، يشاركون في المعارك حتى يتأكدوا من رحيل داعش عن ارضهم.

بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة

اقرأ للكاتب نفس:

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings