نيران سعودية صديقة

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

على الرغم من الخلافات الكثيرة والكبيرة التي شهدناها منذ العام 2005 بين المملكة العربية السعودية وحزب الله ، إلا أن الخطاب كان لا يزال تحت السقف المعقول ، وعلى الرغم من المحطات العديدة التي شهدت توترا او تصاعدا في الخطاب ، بقي الخيط الرفيع الذي يحافظ على خيط العودة في التراشق السياسي ، إلا أنه ومنذ دخول حزب الله في الحرب السورية وبداية عاصفة الحزم في اليمن وقبلها دخول القوات السعودية الى البحرين ، شهد الخطاب المقاوم تحولا في التصعيد السياسي باتجاه الرياض ، التي كانت بدورها تُحيد السلطة السياسية اللبنانية عن حزب الله الذي وضعته على لائحة الارهاب وأرفقت ذلك بسلسلة إجراءات تجاه قناة المنار .
التوتر السعودي الايراني والذي يترجم لبنانيا عبر حزب الله ، لا سيما بعد إعدام الشيخ نمر النمر وما تبعه من اعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، وتصعيد لهجة السيد حسن نصر الله في خطاباته المباشرة نحو توجيه الاتهامات للرياض ودعوتها الى التراجع عن سياساتها في المنطقة وشن حملات ضد النظام والعائلة الحاكمة ، ليضاف إليه موقف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل  في اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة وموقف النأي بالنفس ، جعل المملكة تعيد حساباتها فيما يتعلق بالسياسة المتبعة في لبنان خاصة بعد ما تم تقديم مساعدة وصفت ” بالغير مسبوقة ” للجيش والقوى الامنية بقيمة أربعة مليارات دولار في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال فترة الرئيس ميشال سليمان .
خطوة المملكة بالتراجع عن الهبة المخصصة للعتاد والأسلحة للجيش والقوى الامنية والحديث عن إعادة مراجعة للعلاقة  مع لبنان شكلت ضربة قوية لأصدقاء المملكة قبل أعداءها أو منافسيها ، وهو ما أحدث صدمة في الوسط اللبناني وأرخى بظلاله على الوضع واستدعى اجتماعا طارئا لقوى الرابع عشر من آذار كما للحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام من أجل استدراك التداعيات ولملمة النتائج قبل تحولها الى كارثية في حال طالت اللبنانيين المقيمين هناك خاصة أن دول مجلس التعاون الخليجي أبدت تأييدها للقرار السعودي .
مما لا شك فيه ان خطوة الرياض تجاه لبنان تعبر عن تغيير كبير في استراتيجية التعاطي الدبلوماسي الجديد للمملكة ، وَمِمَّا لا شك فيه ان موقف وزير الخارجية اللبناني أزعج السعوديين وجعلهم يعتبرون ان لبنان سقط في يد حزب الله وهذا ما ظهر من خلال تحكمه بموقف الحكومة وسيطرته على الملف الرئاسي مما جعل القرار اللبناني الرسمي مصادر لمصلحة إيران، وهو ما أدى الى موقف لبناني متباين مع المصالح العربية ، بحسب المقربين من الرياض  .
صحيح ان الموقف خطر جدا على لبنان واللبنانيين خاصة إذا ما استكمل باجراءات تتعلق بالتشدد بمنح اللبنانيين التأشيرات أو إبعاد بعضهم ووقف الاستثمارات الخليجية وسحب الودائع ، وصحيح أن هذه الخطوات تزيد من الضغط والتعقيد في الملفات السياسية وتعيد الأمور الى نقطة الصفر وتنقل الصراع الايراني السعودي الى الساحة اللبنانية ، إنما الصحيح أيضا أن الرياض لا يمكن أن تدفع لبنان باتجاه طهران ولا يمكن ان تتخلى عنه وهو ما عبر عنه مجلس الوزراء السعودي من خلال قوله ” المملكة التي عملت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول الأمور الى ما وصلت إليه ، تؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بكل طوائفه، وأنها لن تتخلى عنه وستستمر في مؤازرته، وهي على يقين بأن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق، مقدراً المواقف التي صدرت من بعض المسؤولين والشخصيات اللبنانية بمن فيهم رئيس الوزراء  تمام سلام، التي عبّروا من خلالها عن وقوفهم وتضامنهم مع المملكة، ومعرباً عن الاعتزاز بالعلاقة المميزة التي تربط السعودية بالشعب اللبناني الشقيق، التي تحرص المملكة دائما على تعزيزها وتطويرها”.
من جهته ، الرئيس الحريري الذي عقد اجتماعا تضامنيا في بيت الوسط ، ناشد الملك سلمان عدم التخلي عن لبنان  داعيا اللبنانيين الى التوقيع على وثيقة عروبة لبنان لتكون مدخلا نحو تصحيح دور لبنان . واضاف :”اي اهانة للسعودية سنردها وخروج الديبلوماسية اللبنانية عن الاجماع العربي خطيئة”.
المملكة قالت كلمتها ولبنان يحاول استيعاب الصدمة وحزب الله وافق على بيان الحكومة الذي صدر بالإجماع ، فهل يتم احتواء التداعيات لهذه النيران الصديقة أم نحن أمام مواجهة إيرانية سعودية مفتوحة تشمل الساحة اللبنانية ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *