الرئيسية » رأي » فداء عيتاني »

لو تنطق حماس

فداء عيتاني

اذا لقد انتصرت غزة، وهي بادارة حماس، وانتصر البعد الجديد الذي اختارته حماس، بعد يختلف عن المراحل الماضية، حين كان الوطن العربي ينام على توازن سياسي غير قابل للتغيير.

ولو قدر لحركة حماس ان تتخلى للحظات عن ادبياتها السياسية والضرورات الديبلوماسية، وتحدثت عن المرحلة الاخيرة وما جرى خلال العامين الاخيرين، وصولا الى انتصار غزة، فكنا سنسمع منها وعنها وعن حلفائها الاخبار والمعلومات ونتلمس حقيقة ما يجري خلف الشعارات الكبيرة، سواء تلك التي ترفعها هي، او التي يرفعها حلفائها واخصامها على حد سواء.

انتصرت حماس رغم انها لم تحرر شبر ارض، ولا حتى تمكنت من معادلة ارقام القتلى في طرفي النزاع، اذ بقي الفلسطينيون يقتلون باكثر من عشرة اضعاف مما يقتل الاسرائيليون، وهي المعادلة الخانقة التي تذكرنا دائما ان الصراع يقوم على انعدام في موازين القوى، وان اقصى ما نطمح اليه حاليا هو معادلات كتوازن الرعب، او قل اننا نطمح حين نقتل الا نقتل وحدنا، بل ان نضرب ما امكن في عدونا حتى لا ننهزم كل مرة.

العناد كان مرة اخرى اهم من الصواريخ، والارادة في القتال هذه المرة في غزة كانت المدخل الرئيسي للوصول الى النصر، في معركة لم يكن لها في بداياتها اية اهداف لدى اهل غزة وفصائلها الا عدم السكوت على قتل كوادرهم بالطيران وبابرخص الاثمان.

ولكن في الاعوام القليلة الاخيرة تغيرت المنطقة كلها، اشتعلت الثورات، واخذت حماس تبتعد عن محور كانت الى ذلك الحين ترتبط عضويا به، وبدأت تتلمس عدم قدرتها على التجاوب مع عدد من المطالب المضمرة والاخرى المعلنة لحلفائها في المحور.

بل ان حماس اكتشتفت ايضا، انها وبفضل غزة وادارتها لغزة قد وقعت في مكان يمكن ان يتحول في التحالف الى علاقة تابع ومتبوع، وهي لا مصلحة لها في المديين القريب والبعيد بالالتصاق بطرف دون قيد او شرط، فهي من جهة على علاقة تحالفية مفترضة مع محور الممانعة الذي يتعرض لضغط هائل، والذي فشل في ادارة سوريا وفي حكمها وفي التعامل مع ثورتها، ومطالب شعبها، ومن ناحية اخرى فان حماس لم تفقد يوما روابطها بحركتها الام: الاخوان المسلمون.

لا بل ان حماس دائما تجد الحاضنة هناك، في حركة الاخوان، وبغض النظر عن الخلافات بين حركة الاخوان وبين حماس، كما بغض النظر عن اللامركزية المتاحة للعديد من فصائل حركة الاخوان، الا ان عمق حماس لا يمكنه الا ان ينطلق من الحراك الاخواني، والا سيسيطر السلفيون على المشهد في غزة، وتذهب حركة حماس الى نزاع داخلي بين السلفية والاخوانية لن ينتهي الا بتدميرها.

وعلى مستوى التمويل فان الخطأ الشائع هو ان ايران تتكفل بكل نفقات حركة حماس، وادارة الحكم في غزة، وبتسليح الفصائل كلها، وبالانفاق على الانشاءات العسكرية وتوريد التكنولوجيات الحربية الى الحركة والى من يرغب، وان كل ذلك يتم دون قيد او شرط. وان حزب الله يحضن الحركة ويوفر لها العديد من التقديمات المشابهة، كما ان سوريا لم تترك اي شيء الا وقدمته للحركة، وبناء على هذه الصورة فان هذه الاطراف دفعت العديد من الشخصيات المرتبطة بها، ومع بداية الخلاف مع حماس حول الملف السوري، الى شن هجوم على الحركة وعلى عموم الشعب الفلسطيني في الداخل ودول الشتات، وعنوان الهجوم هو “قلة الوفاء”.

لو تحدثت حماس لكانت اشارت الى تنوع مصادر تمويلها، ولا يمكن للحركة انكار حجم الاحتضان الذي قدمته ايران، وسوريا وحزب الله، ولكن وضع كل الفضل في التمويل والتسليح لجهة او جهات محددة يظهر وكأن الفلسطينيون لم يقوموا خلال الستين عام الفائتة باي جهد ذاتي في اطار الكفاح المسلح وادخال هذا الكفاح الى قلب الاراضي الفلسطينية.

فمن يتابع يعرف جيدا ان حماس تتنوع مصادر دخلها من دول خليجية تعهدت ومنذ اعوام طويلة دفع رواتب السلطة في غزة، واخرى دفعت الملايين عبر جمعياتها الى جمعيات فلسطينية ناشطة في القطاع، وبعض الشخصيات العربية، والاثرياء الفلسطينيين، وسواء بتوجيهات من دول معينة او من دون هذه التوجيهات قدموا الكثير للحركة وللقطاع. وان الدفعات التي كانت ترسلها طهران كانت تتوقف لاشهر احيانا، بناء على خلافات سياسية او لاسباب اخرى تخص ايران وحدها.

ومن يعرف حماس جيدا ويعرف ما يحصل في غزة يعلم بان الحركة وغيرها من الفصائل تعتمد على السوق السوداء في شراء المعدات والاسلحة الحربية، وان مصادر التسلح متنوعة ومتعددة وتتم باساليب ملتوية يعرفها ابناء الارض اكثر مما يجيدها الغرباء الداعمون لهم.

كما ان الاعلان ان خطوط الامداد من طهران الى غزة مفتوحة عبر الانفاق خلال العدوان الاخير يقترب اكثر الى الخيانة الوطنية والى ارشاد العدو على الاهداف، وليس الى الدعم المعنوي او المادي، هذا بغض النظر عن ان خطوط الامداد انقطعت فعليا منذ اكثر من عام، من المصادر التي اشارت الى انها تمد غزة بالسلاح والصواريخ، كما ان لحظة بدء المعركة تم وقف كل عمليات استيراد السلاح والذخائر الى القطاع.

اما على المستوى السياسي فان حماس حاولت ان توضح موقفها لحلفاء الامس، الذين صاروا يطالبونها بالوقوف في الصف معهم لا بل وامامهم احيانا في مواجهة الثورة السورية، فكان موقف حماس في الاجتماعات ان بين التحالف القائم على قاعدة المقاومة عشرين ملف، واحد منهم يتعلق بالثورة السورية والوضع السوري الداخلي، ويفترض عزل هذا الملف وعدم تركه اساسي في تحديد مستوى العلاقة بين الاطراف المتحالفة، الا ان حماس اخذت انطباعا بان هذا الملف هو الاولوية لحلفائها، وان تقييم كل العلاقة يتم انطلاقا منه.

وهكذا انسحبت حماس من سوريا وباتت الوفود الى ايران ادنى مستوى في التمثيل، ومن جهتها طهران ايضا خفضت مستوى التمثيل في الاجتماعات المشتركة، وبردت العلاقة مع حزب الله، وتعثرت الشؤون المالية والادارية والعسكرية بين حماس والاطراف الباقية، ومر عام ونصف، لا بل واكثر، ولم تتبدل الاحوال.

ثم بدأت الاعتراضات تترتفع على علاقات حماس بتركيا، وقطر، ومصر، مرة اخرى كانت حماس تجد نفسها في موقع لا يمت الى التحالف بصلة، بل هو اقرب الى تعامل التابع والسيد، وكان السؤال عن مصر، التي دعمت ثورتها ايران، وعن تركيا التي خاطبها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بافضل الالقاب، وعن امير قطر الذي زار ايران وحظي باستقبال باهر، وكذلك في لبنان حين زار الضاحية والتقى السيد نصرالله.

كانت حماس تطالب هذه الجهات بتحديد موقفها من الدول مسبقا، هل امير قطر على سبيل المثال، شريف حين يزور طهران وشيطان حين يدخل الى غزة؟ وهل تركيا مقاومة حين ترسل السفن الى غزة، ومجرد تابعة للاميركيين والناتو حين تستقبل كوادر ومكاتب لحماس؟

الا ان الهامش الواسع الذي اعطوه الفلسطينيون لانفسهم في معركة غزة، واستخدامهم الصواريخ منذ اليوم الاول لضرب اهداف غير تقليدية، كالعاصمة الاسرائيلية تل ابيب (يافا) والقدس المحتلة، اجبر الاخصام كما الحلفاء على احترام الارادة الفلسطينية، وان كان الحلفاء الجدد تمكنوا من استثمار الانتصار في الوجهة السياسية التي تعنيهم، ودون تدفيع حماس اي ثمن، فان غزة حصلت على بدل اكثر من المتوقع من وراء صمودها، واستخدامها لسلاح كان يمكن ان يؤدي الى ردة فعل قاتلة ومدمرة لغزة في ظروف سياسية اخرى في المنطقة. حماس وغزة يمكنهما اليوم ان يفتحا المعابر ويعلقان الحصار ويجددان ترسانة الصواريخ، القابلة للاستخدام، وليست كما كانت في الماضي موضوعة بتصرف لحظة صفر غير محددة.

ويمكن لمصر وتركيا وقطر ان تحصد ما تريد، فهذه لعبة دول وهي من تقرر كيفية الاستفادة من ثمرات بعض المواقف السياسية الداعمة لفلسطين، ولكن في المقابل فان السياسة الاسرائيلية اليوم ستكون في ازمة، فعلى الناخب الاسرائيلي الاختيار ما بين قادة يفشلون كل مرة في كلا الامرين: السير في السلام او الانتصار في الحرب، او قادة من اليمين المتطرف لا يعرفون غير لغة العنف، ولن يرد عليهم باقل من العنف.

بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة

اقرأ للكاتب نفس:

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings