طيف كيري ولافروف في جنيف

najat-charaf-dineجنيف – نجاة شرف الدين (خاص)
على الرغم من اللهجة التصعيدية التي تواكب مواقف طرفي التفاوض السوري من الحكومة  والمعارضة في جنيف ، إلا أن معظم المؤشرات تدل على ان هذه الجولة من المفاوضات  برعاية الامم المتحدة مختلفة عن سابقاتها . في الشكل تم تحديد وفد الهيئة العليا للتفاوض والذي يضم عددا واسعا من مكونات المعارضة في الداخل والخارج ليكون الجهة الوحيدة المخولة التحدث وتقديم الاوراق باسم المعارضة للأمم المتحدة ، رغم ان المبعوث الاممي  ستيفان دي مستورا التقى وفدا من الديمقراطيين العلمانيين وما يطلق عليهم البعض تسمية معارضة موسكو، من دون اعتبارهم وفدا رسميا للمعارضة . وهو ما جعل وفد الحكومة السورية برئاسة د. بشار الجعفري يعترض على تشكيلة الوفد ويعتبرها ناقصة كما اتهم بعضهم بالارهابيين رافضا الحديث معهم بشكل مباشر .
الجعفري الذي اعتبر ان النقاش لا يزال في الشكل وليس في المضمون ، رد عليه نائب رئيس وفد الهيئة العليا للتفاوض جورج صبرا باعتباره ان المرحلة الآن هي لبحث التفاصيل المتعلقة بهيئة الحكم الانتقالي والخطوات العملية لتطبيقها . وبغض النظر عن موقف الطرفين فيما يتعلق بمضمون وشكل البحث مع دي مستورا ، إلا أنه من الواضح أن الجميع ينتظر مفاعيل القرار الروسي بالانسحاب من سوريا ، والذي شكل مفاجأة للجميع في جنيف حكومة ومعارضة ، وهو ما أحدث إرباكا في اللحظات الاولى وطلب البعض التريث في الرد لقراءة توقيت واهداف هذه الخطوة ، رغم انعكاساتها الإيجابية ، كما عبّر أطراف المعارضة على اجتماعات جنيف .
مما لا شك فيه ان الولايات المتحدة وروسيا عبر وزيري خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف قد مارسا ضغطا مهما من أجل فرض هذه الجولة التي وضعت قطار الاتفاق السياسي على سكة الحل ، وَمِمَّا لا شك فيه ان القرار الروسي كان له تأثيرات مباشرة على عمليات التفاوض ، وهو ما بدا واضحا في الترحيب بالقرار الروسي  من الجميع بمن فيهم الامم المتحدة والتي يستعين مبعوثها دي مستورا بالسفير الروسي فيتالي نعومكين كاستشاري في فريقه إضافة الى محموعة من الخبراء ، كما في مطالبة موسكو لواشنطن بالضغط على المعارضة من أجل تسهيل التوصل الى توافق حول نقاط التفاوض في جنيف .
اذا كانت الخطوة الروسية تهدف الى الضغط على الأطراف المشاركين في جنيف لتسهيل مهمتهم ، وإذا كان القرار الروسي الاميركي بفرض الحل السياسي قد سلك طريقه الفعلي ، بغض النظر عن التباعد في الاوراق المطروحة من الطرفين الى الامم المتحدة والتي تسلمها دي مستورا ، حول المرحلة الانتقالية وبقاء الرئيس السوري بشار الأسد أو عدمه في هذه المرحلة إضافة الى موضوع الحكومة الوطنية والانتخابات ، فإن هذه الجولة من المفاوضات كانت روسية بامتياز حيث طغى طيف قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اللقاءات مع المبعوث الاممي .
ربما تكون طريق  الحل السياسي في سوريا وعرة وصعبة وفيها تعرجات قد تأخذ وقتا من أجل إجتيازها ، وربما سنرى الكثير من الاوراق والوثائق يتم تبادلها مع المبعوث الاممي في الجولات المقبلة ، إلا أن خارطة الطريق الفعلية قد بدأت مسارها للحل السياسي في سوريا وطيف كيري لافروف جاهز ويحوم فوقها لمواجهة أي إشكالات تبعدها عن السكة المعدة روسيا وأميركيا ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *