ازدواجية الأفكار العربية على FaceBook ومواقع التواصل الاجتماعي

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

أي متابع لمواقع التواصل الاجتماعي يرى ماهب ودب من بوستات وتعليقات، وقد يلفت الانتباه نوع من «ازدواجية» توجهات عدد من المعلقين !
كيف؟
هذا أو هذه وذاك أو تلك يدافعون عن فلسطين بقوة وينشرون كامل ما يصادفونه في صحف ومجلات ومواقع وقنوات تدعم «نضالهم» لنصرة الفلسطينيين. ونشرون كل هذه الأخبار بشكل يستثير حمية المدافعين عن القضية.
جيد!
هؤلاء ينتقدون الفساد في بلادهم (لنقل لبنان) ويشيرون إلى كل شاردة وواردة تدل على الفساد وينشرون كل ما يتعلق بهذه المواضيع المهمة بشكل رصين.
جيد أيضاً!
ولكن نرى ونتعجب (ويتعجب هؤلاء المواظبون على نشر تلك الأخبار والإخبارات المفيدة) من أن عدد المتابعين هو قليل نسبياً نظراً لأهمية المواضيع المنشورة.
الأسباب كثيرة ومتعددة : منها أن العرب بشكل عام لا يشاركون يكتفون بالقراءة (أو بإلقاء نظرة) ويعفون عن الإفصاح بمواقفهم (مؤيدة أو معارضة)  (راجع فيسبوك والعرب ٤ copy & past انقر هنا)
ولكن يوجد سبب آخر وهو ازدواجية أفكار واهتمامات المعلقين!
إذ أن عددا ًكبيرا من هولاء يشير أيضاً إلى «هموم الغرب» في مواضيع متنوعة (على أهميتها) ولكنها بعيدة جداً عن اهتمامات المتابعين لهم في القضايا «العربية» الفلسطينية مثلاً والمحلية (لنقل لبنان مثلاً).
بالطبع العولمة جعلت العالم قرية! بالطبع يريد هؤلاء «مزدوجو الاهتمام» أن يعبروا عن أفكارهم المنفتحة على تطور العالم ومرافقتهم للتحولات في المجتمعات المتطورة ويمكن أن تكون دوافعهم هي رفع وعي المتابعين العرب للقضاياً المهمة مثل البيئة والتلوث والاحتباس الحراري وحتى قضايا الاستغلال الجنسي في هوليود أو نيويورك… وكذلك استدرار العطف على المهاجرين المكسيكيين ومعاملة ترامب لهم…

الفلسطينيون تحت الاحتلال

ولكن بالله كيف يمكن لمن يعيش تحت حذاء الاحتلال الاسرائيلي ويعبر يومياً على حواجز جنود الاحتلال الذين يهدمون البيوت ويدوسون على الأطفال، كيف يمكن لهؤلاء أن لا يروا «ترفاً فكرياً» لكل بوست على فيسبوك يتناول قضاياً بعيدة بعد النجوم عن معاناته اليومية والظلم الذي يعيشه كل طالع شمس؟ لذا يهرب من المتابعة!
وكيف يمكن للمواطن (لنقل في لبنان) أن يتأثر بالتلوث في مياه نهر السين وهو الذي يعيش بين أكوام الزبالة والشوارع المليئة بالقمامات؟ لذا يهرب من المتابعة !
كيف يمكن لأي مواطن عربي أن يتأثر بقضايا السترات الصفراء وعنف الشرطة الفرنسية في حين أنه يعيش العنف اليومي في مجتمعه بكافة أشكاله؟ لذا يهرب من المتابعة!
وكيف يمكن لأي مواطن عربي أن يتأثر بتعديلات على قوانين «حرية النشر» في الدول الاسكندنافية وهو يعيش تحت خرسانة سميكة من القمع الفكري؟
أقول للكتاب على المواقع : أخرجوا من الازدواجية وأختاروا إما التثقيف والانفتاح على العالم (وهو شيء جيد جداً ومفيد وضروري) أو التنديد بموبئات عالمنا العربي وهو أيضاً مطلوب وضروري … عندها يرتفع عدد  متابعينكم…
أما في حال الازدواجية فإن الأصوات والمناداة لا تصل إلى أهدافها… مثل الموجات الصوتية (النشاز الهدام).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *