الرئيسية » مدونات » نجاة شرف الدين Najat Charafeddine »

جيشنا الأسير …

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

مما لا شك فيه أن ما حصل في عبرا في مدينة صيدا ، بين الجيش اللبناني ومناصري الشيخ أحمد الأسير ، والتي أدت الى سيطرة الجيش على ما بات يعرف ب ” المربع الأمني ” في تلك المنطقة بعد سقوط عشرات الضحايا والجرحى من الجيش والمسلحين وكذلك المدنيين ، شكل محطة مهمة في مسيرة تعاطي الجيش مع الإعتداءات عليه في العديد من المناطق والتي كان سبقها ما حصل في طرابلس وفي عرسال وغيرها ، والتي كانت تنتهي في كل مرة على طريقة الأمن بالتراضي .
بدا واضحا بعد بدء الإعتداءات على الجيش اللبناني ، ومع سقوط شهداءه ، أن الجيش تجاوز الغطاء السياسي الذي كان ينتظره في المرات السابقة وهو أعطى التغطية لنفسه وأخذ قراره بوأد الفتنة ، في منطقة حساسة هي عاصمة الجنوب ، كونها تشكل ممرا لقوات الطوارئ الدولية وبوابة للمقاومة  ، وجاء بيانه ليؤكد موقفه عندما قال ” إن  ما حصل في صيدا فاق كل التوقعات. لقد استهدف الجيش بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا كما جرى في العام 1975، بغية إدخال لبنان مجددا في دوامة العنف. وهو أيضا لمح الى ضرورة أخذ الموقف الواضح من السياسيين بالقول ” إن قيادة الجيش ترفض اللغة المزدوجة، وتلفت إلى أن قيادات صيدا السياسية والروحية ومرجعياتها ونوابها مدعوون اليوم إلى التعبير عن موقفهم علنا وبصراحة تامة، فإما أن يكونوا إلى جانب الجيش اللبناني لحماية المدينة وأهلها وسحب فتيل التفجير، وإما أن يكونوا إلى جانب مروجي الفتنة وقاتلي العسكريين” .

هذا الموقف اللافت والحاسم من قبل الجيش  ، إستلحقته القوى والأطراف السياسية ، وبعدما تأكدت من موقفه الحازم وتحقيقه إنجازا على الأرض  ورفضه التسويات والأمن بالتراضي ، وهو رفض العديد من المبادرات لا سيما من هيئة علماء المسلمين وعلى رأسهم الشيخ  سالم الرافعي  الذي هدد بأنه لن يفعل شيئا لضبط الشارع ولتتحمل الدولة مسؤوليتها معتبرا أن “الجيش اللبناني متآمر مع حزب الله”، مشيراً إلى أن “الجيش أراد ارتكاب مجزرة في المسجد وهو لا يجيد فرض هيبته إلا في مناطق السنّة” ، وهو حاول  اللعب على الوتر الطائفي بدعوته  “المسؤولين السنّة إلى حماية طائفتهم المستهدفة بعدما شاركت عناصر حزبية الجيش في هجومه على مسجد بلال بن رباح”، معتبراً أن “انتصار “حزب الله” في القصير بشّر بانتقال الفتنة إلى لبنان”.
هذا الموقف الذي ترافق مع قطع لبعض الطرق بدت خجولة في مناطق الشمال والبقاع وبيروت  دعما للأسير ، لم يجد له صدى في إجتماعات فعاليات  طرابلس ووزراءها ونوابها ، الذين نددوا بالإعتداء على الجيش ودعوا الى الإلتفاف حوله وتوجه المجتمعون إلى أهل طرابلس بـ”ضرورة التحلي بالصبر والحكمة وعدم الانجرار وراء الشائعات التي تعمل على بث الفتنة. كما طالبوهم بـ”ضرورة الالتفاف حول الجيش للمحافظة على استقرار طرابلس والحفاظ على أمنها، ويكفي طرابلس ما عانت من اضطرابات عبثية لا تخلف سوى الخراب والدماء”.
في المقابل ، جاءت المواقف العربية والدولية ، لتؤكد دعمها للجيش اللبناني حيث ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالإعتداء على الجيش مطالبا بالإلتفاف حوله ليتمكن من القيام بواجباته الوطنية ، كما نددت فرنسا بـ”الهجمات على قوات الجيش اللبناني” في صيدا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب لاليو  ان “فرنسا تؤكد دعمها للجهود التي تبذل تحت سلطة الرئيس ميشال سليمان لضمان الامن ووضع حد للاستفزازات من حيثما أتت، وتدعو الاحزاب السياسية اللبنانية الى العمل من أجل السلم الاهلي والاستقرار في لبنان”. وكذلك أعربت مورا  كونيللي، في بيان صادر عن السفارة الأميركية، عن “تعاطف” واشنطن مع الضحايا العسكريين والمدنيين. وأثنت على جهود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في العمل مع القادة السياسيين للحفاظ على السلام والاستقرار.
كثيرة هي التحليلات والآراء التي صدرت عن مراقبين وسياسيين في محاولة لقراءة المشهد الصيداوي ، منهم من إعتبر ان الظاهرة الأسيرية سببها حزب الله ، ومنهم من رأى في موقف الجيش ورفع الغطاء السياسي في توقيته تنفيذا لضوء أخضر إقليمي وربما دولي ، وحتى ذهب البعض لإعتبارها تنفيذا للمقررات السرية لإجتماع الدوحة لإصدقاء سوريا ، إلا أن الثابت الوحيد أن قد  تحرر من أسره ،ولو لمرة ،  وتجاوز العراقيل الطائفية التي كانت تظهر في كل مرة يحاول فيها تنفيذ قرار قضائي ما أو إلقاء القبض على متهم أو مجرم ما ، بحجة انتماءه الطائفي  ، وهو أيضا أخرج المؤسسة العسكرية من أسرها  في ظل ما تتعرض له  من محاولات لضرب هيبتها وإضعاف دورها لتنضم الى باقي مؤسسات الدولة الفاشلة أو الضعيفة ، فهل سيكون ما حصل في عبرا ، عبرة لباقي المناطق ؟ وهل فعلا تجاوز الجيش  الأسر وربح معركة مؤسسته أم هي جولة من جولات الفتن المتنقلة  ؟

اقرأ للكاتب نفس:

التعليقات: 2

  1. عماد مادي:

    الصورة

    كتبت الانسانة الاعلامية نجاة شرف الدين هذه المقالة و لسان حالها يعاتب أبناء بلدها بعدم الانجرار ورآء الفتنة والرجوع بلبنان لفترة الحرب الأهلية التي راح ضحيتها رجالا و نسائا وهدمت فيها روضة الأطفال…

    لم أكن أريد البكآء يوما ولكن هم الزمان أبكاني ,تمنيت أن أعيش كما تريد نفسي و لكن عاشت نفسي كما يريد زماني (كلمات جميلة كتبها ثآئر سوري على أحد الجدران) أما عن جملة ألم تكن في قلبك رحمة ؟؟ فأقولها لمن لم يرحل و آثر سفك الدماء الطاهرة البريئة.

    ان توجيه السلاح لجندي لبناني لهو جريمة بشعة وفخ ما كان على الأسير و لا جماعته الوقوع فيه.

    والسؤال ,من يوقف هذا الرجل الطليق الذي يمد النظام السوري بشباب لبنان ليقاتل في صفوفه ضد معلم أو فلاح أو بائع صحف سوريا مطلبه الحرية و العيش الكريم ؟؟

    تاريخ نشر التعليق: 2013/06/29
  2. حمودي عبد محسن:

    الفتنة:
    ان دقة التوقف على أساسيات الخطر الذي يواجه لبنان، وتواجهه بلدان عالمنا العربي بأشكال وأساليب مختلفة، والذي حددته السيدة نجا شرف الدين في هذه المقالة وهو ـ الفتنة ـ إذ يقودنا هذا إلى التاريخ أي يقودنا إلى خمسمائة عاما حيث حدثت الفتنة في قتل عثمان والتي صارت يرمز إلى مخاطرها بقميص عثمان كلما اقتربت الفتنة ودقت نواقيس الموت، فمن رمز الموت اتخذ تبرير الحروب ليتصدع توحد الأمة، وتقاد إلى التفرقة والتشتت مثلما تفرقت أيادي سبأ، وها هي تعيد نفسها بمآساة، وتتكرر، وتزدوج حمالة أوجه كثيرة، متخذين أصحابها من اسم الله الكبير العظيم أيدولوجية القتل، وهذا الأسم الجليل يرفض تماما مبدأ قتل الأخ لأخيه أي كما وبي أن أشير إلى قتل قابيل لهابيل.عجبا لأصحاب الفتنة الذين يلغون الجمال، والوجود الجميل كي نتآلف فيه للعيش بقيمته، ألم يقل نبينا أن الله جميل ويحب الجمال، ألم يقل حينما حكى له ابن جرير بعد الفتح لقرية على دين الأصنام أنه قتل صبيا عاشقا، فلعنته المحبوبة وهي تحتضن حبيبها المقتول فما منه إلا أن أستل سيفه وقتلها لتتمرغ على صدر الحبيب، نعم، ألم يقل نبينا لابن جرير:
    ـ ألم تكن في قلبك رحمة ؟!
    أجل، أن أصحاب الجمود العقائدي الذي يعودون بنا إلى الوراء هم خالقي الفتنة، هم يكرهون كل ما هو جميل، فماذا يرتجى من هذا الذي يقتل جنديا لبنانيا؟!
    أنت يا سيدة نجاة شرف الدين مزهوة بهذه الصورة الجديدة التي تعلو صفحة المقالة، ومزهوة دائما بحداثة المقال السياسي في وصف ـ الفتنة ـ ومعاذ الله أن تجر لبنان الحبيبة في ـ جولات الفتنة المتنقلة ـ كما ورد كسؤال في نهاية المقالة.

    تاريخ نشر التعليق: 2013/06/26

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings