الرئيسية » رأي » فؤاد نهرا »

عبثية الصراع المذهبي بين السنة والشيعة

فؤاد نهرا*

تلك الاسطر القليلة غايتها طرح بعض الاسئلة حول ظاهرة عبثية وهي ظاهرة التناحر باسم الخلاف السني|الشيعي ومذاهب السنة والشيعة غير متناحرة في جوهرها يشارك بعضها البعض في الايمان بصلب العقيدة الاسلامية. نبدأ بذكر قوله تعالى : “واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون.”(السورة٣, الآية ١٠٣). وفي هذه الآية الكريمة ما يدل على ضرورة بل على حتمية الوحدة بين المسلمين بتعدد مذاهبهم.

وان ذهبنا الى ابعد من ذلك وجدنا ان النص القرآني المقرون بالسيرة النبوية الشريفة يضع اسس العلاقة السلمية بين المسلمين وسائر المعتقدات والاديان الاخرى بل ومع سائر الجماعات البشرية على النحو الآتي.

-١ مع اهل الكتاب الذين يعترف بحقهم في الاحتكام الى شرائعهم  ونعلم ان اهل الكتاب الذين آمنوا بالله وعملوا صالحا “لاخوف عليهم ولا هم يحزنون” (مقتطف من الآية ٦٩ , السورة ٥).

٢ ومع كل ملة سالمت المسلمين وعاهدتهم , وقد كثرت الآيات التي يؤمر فيها المؤمنين بالوفاء بعهدهم وبالحفاظ على السلم مع من سالمهم. وبهذا الصدد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “من اذى معاهدا ام ذميا فانا خصمه الى يوم القيامة”.

استطرادا جاز لنا ان نتسائل كيف بلغ بنا الامر الى اقتتال دموي باسم الاختلاف السني |الشيعي وكيف بلغ الامر الى حد ابقاء العراق في دوامة العنف المستديم وكذلك الى حد هدم سوريا وتهديد استقرار لبنان وتعميق الانقسام بين ايران ودول الخليج وكذلك الى استباحة دماء الهزارة في افغانستان وهلمجرا.

لن نعود الى ما قدمته مصادر التاريخ الاسلامي من تفاصيل حول مصدر الخلاف المذهبي والكثير ممن تناول قسطا من هذا التاريخ الم بمعرفة بحرب الجمل وبالتحكيم الذي نصب معاوية خليفة دون علي وبالطريقة التي قتل فيها الامام الحسين بن علي.  نكتفي بالقول ان جل الخلاف كان اساسه سياسيا ولم ينبع عن صلب العقيدة الدينية والسؤال الاساسي الذي كان مصدر الفتنة هو : من يتولى خلافة رسول الله (ص)؟

لقد افرز التاريخ فيما بعد اختلافات في توثيق الاحاديث من حيث تصديق بعض الشهود اوتكذيبهم ( مثال ابي هريرة الذي يعتبره اهل الشيعة مدلسا). ثم انه اتاح الفرصة لتباين التأويلات والتفاسير, ولاختلاف دور الامام داخل الجماعة الخ. لكن مع ذلك تبين لي عند قراءة فقه المذهب الجعفري ان غالبية الاجتهاد قريب جدا من المذاهب الاربع المعروفة عند اهل السنة مع اختلاف السند.

لكنني اعود الى اشكالية السلطة السياسية في كلا المذهبين والى كيفية الوصول بها الى الفتنة. فالفقه المستمد من القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة يتضمن الكثير من المبادئ القائلة برفض الظلم والحاكم الظالم . لن اتناول هذه المسألة مطولا لكنني اكتفي بذكر مبدأ اساسي وهو ان الحاكم في الاسلام لاشرعية له ان تعدى على شرع الله وبالتالي على حقوق الناس المستمدة منه ولا شرعية له ان وصل الى سدة الحكم غصبا. ومن هنا يذهب العديد من فقهاء الشيعة على لصق هذه الصفات على حكام وولاة المسلمين عبر التاريخ بدءا بابي بكر الصديق وانتهاء بالحكام المعاصرين, في حين يذكر فقهاء اهل السنة بخطبة البيعة لابي بكر الصديق حين قال “وليت عليكم ولست خيرا منكم, فان احسنت فاعينوني وان اسأت فقوموني…والضعيف فيكم قوي حتى ارجع اليه حقه ان شاء الله والقوي فيكم ضعيف عندي حتى اخذ الحق منه ان شاء الله…اطيعوني ما اطعت الله ورسوله فان عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم.”

نضف الى ذلك التصنيف الثلاثي في القرأن الكريم الى مؤمن وكافر ومنافق, ويذهب الكثيرون من المؤرخين الى حد التشكيك بصدق الخلفاء في ايمانهم . بالنسبة الى ابي بكر الصديق قول رسول الله (ص) “لعن الله من تخلف عن جيش اسامة” واختلف المذهبان حول التحاق ابي بكر الصديق لاحقا بهذا الجيش قد اثبتت الاخبار المرتبطة بالسيرة النبوية ان ابي بكر الصديق اطاع رسول الله (ص). بالنسبة الى معاوية بن ابي سفيان قال مؤرخو الامامية انه نطق بالشهادة الاولى دون الثانية, وبالنسبة الى يزيد بن معاوية انه نوى شرب الخمرة على رأس الكعبة الخ.  وحملة التشكيك تطال ايضا كل من حكام الامر الواقع الى يومنا.

وبالمقابل كان نفور اهل السنة يوازي شكوك اهل الشيعة, فاعتبروا التشكيك بشرعية الصحابة تكفيرا لهم والانقلاب على الولاة منبعا للفتنة الخ.. حتى ان البعض من  رجال الدين الذين لم يتمعنوا في الامر ذهب الى حد نعت الشيعة بالمنافقين. والبعض المتشدد ذهب الى حد ربط نشأة مذاهب اهل الشيعة بعبدالله بن سبأ.

لا ننفي ان الخطاب حول وحدة المسلمين نفذ الى اعماق اتباع المذاهب المختلفة حتى ان حجم الدعوات الى وحدة الصف كان اكبر بكثير من حجم الخطابات الداعية الى الفتنة , وذلك من حيث الكم, وكذلك من حيث الامتداد على مساحة الساحة السياسية الاسلامية. لكن خطاب الوحدة لم يتناول المسائل الشائكة وظل اسير المجاملة وتفادي الجدال في العمق. فما هو هذا الجدال ؟ انه الجدال حول شرعية السلطة السياسية في الاسلام.

فمن جهة  فان الحكم ببطلان كل سلطة سياسية التي لاتستمد شرعيتها من الامام ( اي من سلالة ائمة اهل البيتت)  يشكل عائقا امام تحقيق الاجماع السياسي ومن جهة ثانية يعتبر من لا يشارك نظرة اهل السنة في الصحابة وفي التاريخ الاسلامي لما بعد وفاة الرسول (ص) اهل نفاق ودعاة للفتنة.

لهذا السبب يتطلب حوار في العمق اعادة للنظر الى ابعاد كل طرح يكرس الخلاف, ليس من اجل نفيه, فلا يلغى المعتقد النابع عن تراث فقهي وروائي, ولكن من اجل اعادة تفسيره حتى يحصر بعده الخلافي. فعلى سبيل المثال من الممكن ان نفصل بين النظرة الى تاريخ الامامة ومسارها  من جهة وبين النظرة الى السلطة السياسية من جهة ثانية وذلك بدافع من امرين

الاول ان اهل السنة لا يدعون كما في عهد يزيد بن معاوية الى طاعة حكام الامر الواقع , وانما كثرت في فلك الفقه والفكر الاسلاميين النظريات التي تبرر بل تضع اسس الثورة على الظالمين, وتدعو الى دولة القانون واحترام حقوق الانسان ( الواردة في صلب العقيدة الدينية) . فماذا ان شاركهم الفقهاء الشيعة في حربهم ضد الاستكبار الذين يروجون لها.

الثاني انه في فلك الفقه الجعفري نجد من يدعو الى نظرة مختلفة الى السلطة, مثال اية الله منتظري الذي اعاد النظر الى مبدأ ولاية الفقيه.

ومن جهة ثانية نجد ان التكفير السهل لمن خرج عن دائرة المألوف من المعتقد والتفسير هو مصدر للفتنة. فلا بد من توسيع دائرة من يعتبر جزءا من فلك الاسلام واصجاب الحق فيه, حتى يشمل من لا يشارك اهل المذاهب الاربع في النظرة الى الخلفاء الراشدين ولا الى طريقة توثيق الاحاديث واستنباط انواع القياس, ان يشمل ايضا من لا يشارك فقهاء المذاهب الاربعة في طريقة تفسير وتأويل الآيات القرآنية ونذكر قوله تعالى “قل لوكان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا”(السورة 18, الآية 109) فان كان البعد اللامتناهي لكلمات الله المتضمنة في محكم كتابه في الامتداد وفي العمق (اي في المعاني) فانى لنا ان نغلق الباب على تفاسير مغايرة وبعيدة عن تلك التي اعتدنا على قراءتها ؟

قلنا ان السبب الاول لهذه الفتنة يكمن في تكفير اتباع المذهب الآخر بل في الحكم بنفاقهم. اما السبب الثاني فيعود الى تفسير الصراع السياسي على اساس الانتماء المذهبي للفاعلين السياسيين, وكأن كل فعل وموقف هو انعكاس لمشروع مذهبي جوهره اما الايمان الصادق واما النفاق. هكذا ذهبت الحركات التكفيرية في العراق الى حد القناعة بوجود تحالف استراتيجي بين الاحتلال الامريكي  والشيعة ال”الرافضة” وهي تعتمدعلى الاستقراء الخاطئ من واقع العلاقة بين الحركات الاسلامية الشيعية والحاكم الامريكي اثناء الانتقال الى اول انتخابات ما بعد حكم البعث عام 2005 الى الخلاصة ان مساومة, بل مهادنة هذه القوى تفسر وكأنها تحالف عقائدي مبدأي ! فاين ذهبت العوامل المتعددة والتي جلها ينبع من التركيبة السياسية للعراق الحديث وللعراق المحتل والمفكك  حيث اذكر انه على سبيل المثال اخذت العشيرة تملي الوظائف الاساسية التي كانت تعود الى الدولة قبل عام 2003 ؟

هكذا يذهب الفكر التكفيري الى تصوير الصراع في سوريا وكانه صراع مذهبي, وكأن الانتماء المذهبي هو العامل الاساسي في تفسير النشاط السياسي. وماذا لوكانت الطائفية اداة تستخدمها نخبة حاكمة من اجل اعادة انتاج سيطرتها السياسية ـ  على سبيل المثال من خلال تهويل الاقليات من آثار الثورة المجهولة ـ  وهنا استغل الفرصة للاشارة الى الانجاز العلمي الذي تقدم به عدد من المؤرخين العرب ومنهم حسن حمدان وفؤاد شاهين ومسعود ضاهروكذلك حسن الضيقة الذين بينوا كيف ان الطائفية اتت كنتيجة لممارسة معينة للسلطة السياسية وكأداة لتفادي الصراع الافقي بين الفئات الاجتماعية المتباينة من حيث موقعها من السلطة والثروة.

هكذا يظل الموقف السلبي المتخوف مما يدعى انه “مشروع الامبرطورية الفارسية الشيعية” هو الدافع الى احباط اي توازن استراتيجي بامكانه ان يوازي التفوق شبه المطلق لقوة الاسرائيلية. وقد يزكي هذه المخاوف بعض التجيير المذهبي للحركات الثورية في الجزيرة العربية. وهي حلقة مفرغة تبقي المنطقة في دوامة الفتنة والتبعية.

وفي وقت تجد معظم الامم الاخرى اسس استقرارها السياسي واسباب نموها المطرد,يظل الوطن العربي اسير الاقتتال المذهبي المدمر, ليس لان الارادة غير موجودة, وانما لان الجدال في العمق  المقرون بالتحليل العلمي لم ينتقل الى المسائل الخلافية, وايضا لان الظاهرة الطائفية استخدمت بحنكة ودهاء من اجل احباط مسار التغيير السياسي الذي يتطلع اليه المجتمع العربي, ولأن شدة الظلم التي تعاني منها المجتمعات المدنية في الكثير من الحالات تدفع العبض الى تغييب الممارسة السياسية العقلانية.

واخيرا ارجو المعذرة لكل خطأ قد ورد في هذا المقال وصاحبه ليس عالما في الدين , كما ارجو القارئ الى اعتماد قراءة نقدية لمقال يدعي بانه نقدي, واخيرا ارجو ان يساهم هذا المقال ولو بمقدار ذرة في اطلاق جدال قد يخرجنا من منطق الفتنة والانغلاق المذهبي.

استاذ جامعي في باريس وباحث في العلوم السياسية

 

اقرأ للكاتب نفس:

    اُكتب تعليقك (Your comment):

    صحافة اسرائيل

    إعلان

    خاص «برس - نت»

    صفحة رأي

    مدونات الكتاب

    آخر التعليقات

      أخبار بووم على الفيسبوك

      تابعنا على تويتر

      Translate »
      We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
      Cookies settings
      Accept
      Privacy & Cookie policy
      Privacy & Cookies policy
      Cookie name Active

      Privacy Policy

      What information do we collect?

      We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

      What do we use your information for?

      Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

      How do we protect your information?

      We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

      Do we use cookies?

      Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

      Do we disclose any information to outside parties?

      We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

      Registration

      The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

      Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

      We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

      Updating your personal information

      We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

      Online Privacy Policy Only

      This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

      Your Consent

      By using our site, you consent to our privacy policy.

      Changes to our Privacy Policy

      If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
      Save settings
      Cookies settings