الكونغرس ونتانياهو : مصالح مشتركة

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

مما لا شك فيه أن توقيت زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى واشنطن وطريقة الدعوة التي تمت من قبل رئيس مجلس النواب جون بينير ، أثارت جدلا واسعا في وسائل الإعلام وفي تصريحات العديد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين ، ومما لا شك فيه أن خطاب نتانياهو الأول في مؤتمر الإيباك قد حدد مسار خطواته الهادفة  الى التوجه الى الناخب الإسرائيلي ومحاولة إقناعه أن إسرائيل تعيش في خطر وجودي بسبب التهديدات الإيرانية ، كما الى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، المستمرة بمفاوضاتها في جنيف بأن التوقيع على إتفاق سيّء سيشكل تهديدا لأمن إسرائيل كما لأمن حلفاءها .
نتانياهو الذي رحب بأصدقائه وأبطال إسرائيل ، كما سماهم ، الرئيس التشيكي ورئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أزنار ووزير الخارجية الكندي السابق جون بيرد ، كما لم ينس شكر صديقه الذي قام بتحضير الزيارة وهو السفير الإسرائيلي في أميركا رون ديرمر ، طمأن بأن خطابه لن يتضمن قلة إحترام لأوباما وموقعه ، لا بل أشكره على ما فعله لإسرائيل ولدعمه . وفي معرض رده على ما أثارته الزيارة من إنقسام في الداخل الاميركي وجعل العديد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب يقاطعون الخطاب ، قال ” إن إسرائيل لن تكون مصدر إنقسام في أميركا بل وحدة ، وهو ما لم يقنع المعارضين لخطوة نتانياهو بإستخدام الكونغرس لإطلاق رسائل إنتخابية ، خاصة أنه حضر من دون التنسيق مع الإدارة في البيت الأبيض وبالرغم من إعلان أوباما عدم لقاءه .
نتانياهو الذي تحدث عن الخلاف مع الإدارة الأميركية والذي أكد على جديته إلا أنه أكد أن العلاقات ستبقى قوية وأقوى من أي وقت وستبقى في المستقبل ، لإننا نتشارك الأحلام نفسها كما قال . هذا الكلام الذي جاء متزامنا مع إجتماعات جنيف بين وزير الخارجية جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف ، والذي أشار خلاله كيري الى حصول تقدم في المفاوضات ، يبدو أنه لم يصل الى مسامع فريق التفاوض الذي أكمل مهماته من دون تغيير ، رغم حرص الرئيس أوباما على إرسال سفيرة الأمم المتحدة سامنتا باور لتمثيله في مؤتمر إيباك وتم تقديم خطابها قبل نتانياهو بعد أن كانت بعده ، وكانت كلمتها مؤثرة لجمهور الإيباك اليهودي ، وتحدثت عن الدعم غير المسبوق الذي قدمه اوباما لإسرائيل خلال الست سنوات في ولايتيه ، كما تتحدث سوزان رايس مستشارة الأمن القومي في المؤتمر نفسه ، وهي التي كانت وصفت خطاب أوباما في الكونغرس بأنه ” مدمر للعلاقات الأميركية الإسرائيلية ” وهو ما أحدث ردود فعل واسعة في جانب الجمهوريين كما مؤيدي نتانياهو .
في أي حال ، الثلوج التي لا تزال موجودة على أطراف شوارع وساحات  واشنطن نتيجة العاصفة الباردة التي شهدتها العاصمة الأميركية ، لن تذوب بفعل خطاب في الإيباك أو آخر في الكونغرس ، والتوتر الذي رافق العلاقة بين أوباما ونتانياهو لسنوات لن يزول اليوم في قمة هذا التصعيد في عقر دار الرئيس الأميركي ، وبذلك فأقصى ما يمكن تحقيقه في هذه الزيارة غير المرحب بها من البيت الأبيض ، هو توجيه خطابه الإنتخابي من على منصة الكونغرس ، وفي الجانب الأميركي حقق بينير هدفه بالضغط على أوباما داخليا بعد أن حشره الأخير بحديثه عن فيتو على أي عقوبات جديدة على إيران .
نتانياهو قال كلمته ومشى ، وبينير زاد من الشرخ في العلاقة مع أوباما ، أما أوباما الذي قال إنه لم يسمع خطاب نتانياهو ، فلن يغير في إستراتيجيته التفاوضية واستخدام الوسائل الدبلوماسية مع إيران ، وغدا يوم آخر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *