ظل العنصرية لم يخبو مع أوباما

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين – واشنطن (خاص)
عندما إنتُخب الرئيس الأميركي بارك أوباما قبل ست سنوات كأول رئيس أسود للولايات المتحدة الأميركية ، ذرفت دموع الفرح في الداخل الأميركي كما في مناطق عدة في العالم ومنها إفريقيا ، إحتفالا بهذا الإنجاز الذي دفع السود ثمنا باهظا للوصول إليه . وبالأمس في ” يوم ” الأحد الدامي ” كما يطلق عليه ، مشى الآلاف من الأميركيين السود على جسر أدموند بيتس  في مدينة سلما في ولاية آلاباما ، مُستذكرين لحظات مهمة من تاريخ هذه المدينة وهذه الحادثة التي حصلت قبل  خمسين عاما عندما شهدت مسيرة سلمية للسود للمطالبة بحقوقهم المدنية بقيادة داعية حقوق الإنسان مارتن لوثر كينغ ،مواجهة مع رجال الأمن  تم خلالها إستعمال كافة  أنواع الوحشية من عذاب وضرب وقتل  ،بسبب  لونهم ، وهم ركعوا للصلاة متحملين الغازات المسيلة للدموع ، وهي اللحظة التي غيرت مجرى التاريخ الاميركي وكتبت صفحة جديدة في دستوره عبر مصادقة الكونغرس على قانون حق التصويت وهو ما سمح للسود بتسجيل أسمائهم كناخبين وهو القانون الذي طرحه الرئيس آنذاك ليندون جونسون .
المسيرة اليوم تقدمها الرئيس  إوباما والى جانبه زوجته ميشال والرئيس السابق جورج بوش الإبن وشخصيات سياسية والعديد من المناضلين الذين كانوا من أبطال العام 1965 ، واللافت هذا العام ليس فقط الإحتفال الخمسيني بل الكلمة المعبرة التي أطلقها أوباما في الحشود المشاركة،  والتي ركز فيها على أن المعركة من أجل الحقوق المدنية في الولايات المتحدة لم تنته وأن العنصرية لم تختف . أوباما الذي قال إن ظل العنصرية لا يزال يخيم على البلاد أشاد بالسود الذين تظاهروا قبل خمسين عاما في هذه المدينة الصغيرة للمطالبة بحقهم في التصويت .
الإحتفال برزت أهميته أيضا من خلال تزامنه مع الأحداث التي تشهدها الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من ولاية تجاه السود ولا سيما في ماديسون بولاية ويسكونسن والتي شهدت تظاهرات إحتجاجية على قتل شرطي أبيض مراهقا أسود غير مسلح وهو تونس روبنسون  ، وهي الجريمة التي زادت المخاوف من تصاعد الحالات العنصرية خاصة أنها ليست الأولى بعد حادثة فيرغسون في ولاية ميسوري والتي أدت في العام الماضي لمقتل فتى أسود وتم تبرئة الشرطي وهو ما كان إنتقده أوباما من إستهداف الشرطة للسود في مدينة فيرغسون وحذر من تنامي الممارسات العنصرية ضد السود تحديدا  .
هذه الحوادث المتكررة والتي كشفت التحقيقات التي جرت، عن مراسلات داخلية عبر البريد الألكتروني لبعض الموظفين تتناول مصطلحات عنصرية في تعامل بعض رجال الشرطة ، كما عن إستطلاعات تشير الى 93 في المئة من التوقيفات في فيرغسون هي لأشخاص من أصول إِفريقية أميركية ، ليضاف إليها الحادثة التي حصلت عبر تسريب شريط فيديو من مجموعة شباب من جامعة أوكلاهوما يغنون في باص ويطلقون شعارات عنصرية تعود الى سنوات مضت ، ويستخدمون تعبير ” العبيد ” بدل السود ويدعون الى تعليق المشانق لهم وهو ما أثار جدلا واسعا وأدى الى إجراءات من قبل رئيس الجامعة بحق الطلاب  .
هذه المشاهد المتنقلة في أكثر من ولاية ولو بأشكال مختلفة ، تطرح مجددا مسألة ممارسة القوانين المدنية التي يعتمدها الدستور ، وإزالة العنصرية من قلوب الأميركيين وليس فقط من قوانينهم ، وهو ملف يتم إستخدامه أيضا في السياسة من خلال المزيد من  الضغط على الرئيس أوباما في السنتين المتبقيتين للقول ،إن وجود رجل أسود في البيت الأبيض لا يمنع بعض الممارسات السوداء ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *