الرئيسية » مدونات » جورج مالبرونو Georges Malbrunot »

خفايا الاتفاق النووي الإيراني الأميركي

Georges Malbruneau photoجورج مالبرونو

يتحفظ محمد غوشاني، ناشر صحيفة مردم امروز، الطهرانية والمعلقة بعد نشرها صورة الممثل الأميركي جورج كلوني وهو يعلن تضامنـــه مع المـــجلة الفرنســــية الساخرة تشارلي إيبدو، عن جهر رأيه في أوضاع إيران الداخلية. فتعليق صحيفته اليوم، بعد أن أودع السجن في 2001 و2009، يعود إلى صراع محافظي النظام ومتشدديه مع «الوسطي» والمعتدل حسن روحاني، بينما تشهد المفـــاوضات الإيرانية والدولية (الأميركية) على المسألة النــــووية اختباراً مصيرياً. وتجرأ رئيس الجمهورية على تحذير المــــرشد علي خامنئي، في خطبة ألقاها قبل بضعة أسابيع وعالج فيها الأزمة الاقتــصادية الحادة التي تضرب البلاد، من اللجوء إلى استــــفتاء الإيـــرانيين في القضية النووية، فقال تلميحاً:» إذا كان الموضوع جوهرياً، وتصيبنا آثاره جميعاً، فعلينا أن نطلب من الشعب إبداء رأيه في هذا الموضوع، ولو لمرة واحدة».

وأردف روحاني شارحاً، فلا يخفى على أحد أنه يقصد الملف النووي:» مُثلنا العليا وقيمنا لا تختصر في أجهزة الطرد والتخصيب». وهو يشير إلى الخلاف في المفاوضات على عدد الأجهزة ومستوى التخصيب. ويلاحظ الباحث الاقتصادي، سعيد ليلاز، أن تلميحاً من هذا القبيل، كان من شأنه قبل أعوام قليلة أن يجر الرئيس أمام القضاء. وروحاني، المنتخب في استفتاء شعبي عام ودوري، على خلاف علي خامنئي المرشد الذي انتخبه مجلس خبراء ثوري، ليس في حيرة من أمره. والمسألة النووية التي انتخب بناء على وعده بالتصدي لها وحلها، لقاء رفع العقوبات على برنامجها النووي الغامض وتخليها عن طموحها العسكري، هي مفتاح الحل. وبعد انقضاء سنة ونصف السنة على انتخابه، المسألة عالقة، وخزينة الدولة خاوية، وبرميل النفط، ضرع عوائدها، تردى سعره 50 دولاراً.

ولا يتستر مؤيدوه، شأن علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أحد أركان النظام، على دعوة روحاني إلى فتح الباب الموصد بالقوة: «أريد منه أن يستعمل الاستفتاء، وألا يتردد، فالشطر الأكبر من الشعب يريد اتفاقاً على النووي»، تقول فائزة رفسنجاني، ابنة الرئيس السابق، بصوت عالٍ. وعشية دورة المفاوضات الحاسمة بفيينا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، تفاقم الخلاف بين الحزبين الإيرانيين. فعطل علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد، الإجراءات المفضية إلى حلحلة، وتذرع بأن حاجة الأميركيين إلى اتفاق ليست أقل إلحاحاً من حاجة الإيرانيين إليه، فمن السابق للأوان إعلان التنازل عن بعض الشروط المعلنة. وهذا بعض ما يتداوله مقربون من أروقة السلطة بطهران، وأسروا به إلى مراسل «لوفيغارو». ومذ ذاك، لم يكفّ أعضاء مجلس الشورى، ومعظمهم من المحافظين، عن مضايقة الرئيس، فطرحوا على وزرائه 1500 سؤال «شوروي» أو رقابي. فهدد روحاني رأس المحافظين، أي المرشد، بتوقيعه وحده الاتفاق الذي قد تتمخض عنه المفاوضات، وإشهاد الشعب الايراني على واقع الحال.

وتعود الكلمة الفصل في المفاوضات إلى خامنئي ومستشاريه، ومعظمهم خرج من صفوف الحرس الثوري ومن كبار ضباطه. ويقول المرشد رسمياً أنه يساند المفاوضين. ولكنه لا يعول كثيراً على المفاوضات. ويقول مسؤول إيراني طلب إغفال اسمه: «خامنئي لا يريد اتفاقاً، والاتفاق يخدم مصلحة خصومه الإصلاحيين، والمقربون منه يسألونه لماذا لم يدعهم إلى توقيع اتفاق حين كانوا في سدة الحكم». ويضمر السؤال الاستنتاج أن ثمرات الاتفاق، إذا كان لا بد من اتفاق، ينبغي أن تعود إليهم. وفي انتظار معرفة ما إذا كانت إيران تريد الخروج من عزلتها، يتبادل المعسكران الداخليان المراقبة. فيوفد روحاني بين الوقت والوقت أخاه عباس فريدون إلى فيينا أو جنيف، حيث تنعقد حلقات المفاوضة. ويمثل المرشد أحد ضباط الحرس الثوري السابقين، عباس عراقجي، في طاقم المفاوضات. وهو يراقب الشاردة والواردة، ويستمع إلى تسجيلات الدورات والجلسات. وإذا تملص الوزير ظريف ربع ساعة من جدول الأعمال الرسمي والمراقبين، وتنزه هو والوزير جون كيري، استغاثت دعاية النظام من الشيطان الذي لا ريب ملأ الدقائق الـ15 هذه.

ويقول صادق خرازي، سفير إيران السابق في فرنسا وجليس وزير الخارجية والمرشد، أن ظريف يشتكي قسوة حملات الناس عليه. ففي إحدى خطب المرشد الأخيرة نبه، مادحاً، إلى مرونة المفاوض الإيراني، وقبوله إدخال تغيير على مفاعل آراك العامل بالماء البارد ونزوله عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. ولكنه، على رغم مديحه الإجراءين، لا يزال يرفض الاتفاق الذي يقترحه باراك أوباما على مرحلتين: اتفاق سياسي قبل أواخر آذار (مارس) وآخر تقني وتفصيلي قبل 30 حزيران (يونيو)، تاريخ ختام المفاوضات ويقول صادق خرازي: قبل أيام قليلة، شرح المرشد أمامي لظريف أن اتفاقاً مرحلياً لا يحول على نحو قاطع دون تملص الأميركيين من الوفاء بالتزاماتهم، في شأن رفع العقوبات على الخصوص. و»العقبة الكبرى» هي هذه المسألة. وهي تتقدم عدد أجهزة الطرد. فالفريق الدولي المفاوض لا يرى مشكلة في تولي طهران تشغيل عدد من أجهزة الطرد (لا يتجاوز الألف، وفق الغربيين، ولا يقل عن 9 آلاف وفق ظريف، ويقرب من 19 ألفاً وفق المرشد).

ويحرص روحاني حين استئناف المفاوضات الأحد في 28 شباط (فبراير) بجنيف، على مقايضة طاقة التخصيب الإيرانية بعودة السيولة المجمدة في البلاد الأجنبية إلى طهران. ويرى تاجر ورجل أعمال يتردد إلى بعض مجالس المرشد أن عوائد إيران المجمدة في مصارف آسيا تبلغ 130 بليون دولار، وهي عقدة المشكلة التي يريد الغربيون أن يرعوا حلاً لها لا يتيح للمحافظين الإيرانيين استئناف برنامجهم النووي إذا رجعوا إلى السلطة. وفي المقابل، يشك علي خامنئي، وهو الذي شب على الكراهية لأميركا وشاب عليها، في قدرة أوباما على التزام وعوده وعرقلة مساعي الكونغرس الأميركي في سبيل فرض عقوبات جديدة قرب توقيع الاتفاق. وهو يعلم أن واشنطن تؤازر في الكواليس معسكر روحاني وتريد تعزيز مكانته. ومنذ تشرين الثاني (نوفمبر) تجيز إدارة أوباما عودة بليون دولار في الشهر من كوريا الجنوبية إلى طهران من طريق سلطنة عمان. ويقول التاجر ورجل الأعمال الإيراني إن حقائب، تحوي الواحدة منها 50 مليون دولار، يستلمها موظفو المصرف المركزي الإيراني بمطار طهران قبل بلوغها الجمرك وينقلونها إلى خزائن المصرف. وأجازت واشنطن لإيران زيادة مبيعاتها من النفط، كذلك.

فهل يقدم المرشد على إنقاذ نظامه الموشك على الانهيار، ويرضى شرب «العلقم»، شأن سلفه آية الله خميني يوم اضطر إلى قبول وقف النار مع عدوه العراقي صدام حسين ونزل عن كبريائه وعناده؟ والثابت، في الأحوال كلها، أن الاتفاق المزمع لن يؤدي إلا إلى سلم بارد بين الايرانيين، وبين الولايات المتحدة. فطهران لا تتمتع، شأن الولايات المتحدة، بمرأى أفق يتعدى المدى القريب إلى المدى المتوسط. ففي الأسابيع القريبة المقبلة، يرسخ الجمهوريون غلبتهم في الكونغرس. وفي شباط (فبراير) 2016، ينتخب الإيرانيون أعضاء مجلس الشورى ومجلس الخبراء (الذي ينتخب المرشد). ويرسم المجلسان ملامح النظام في الأعوام الخمسة التالية.

وإلى يومها لن تفتح سفارة أميركية بطهران، يقول علي شمخاني، مستشار خامنئي للسياسة الأمنية إلى «فايننشل تايمز». ويقول بعضهم، هنا في العاصمة الإيرانية، إن حسن روحاني يراوغ وليس في مستطاعه تجاوز الخطوط السياسية المرسومة والثابتة. وعلى هذا، فحظوظ الاتفاق مع الأميركيين غير متوافرة. ولكنّ آخرين يلاحظون أنه بذل وسعه في استرضاء قادة الحرس وهولدينغ «خاتم الأنبياء» الذي يجمع استثماراتهم. وأحجم، من جهة ثانية، عن التضييق على المؤسسات الوقفية الضخمة التي يتولى نظارتها كبار آيات الله. فهو يراعي بعض مراكز القوة في انتظار قراره خلع الباب عنوة، ربما. نقلا عن الحياة

اقرأ للكاتب نفس:

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings