شفافية هيلاري على المحك

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين – واشنطن (خاص)

على الرغم من إنشغال الجمهوريين بحربهم المفتوحة  مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ، على خلفية الإتفاق مع إيران وما أحدثه من توترات في العلاقة الداخلية ، إلا ان المعركة الرئاسية يبدو أنها فتحت باكرا ولو من دون إعلان . فالحملة التي يخوضها الجمهوريون في مواجهة المرشحة المفترضة للإنتخابات الرئاسية عام 2016  عن الديمقراطيين هيلاري كلينتون ، قد بدأت قبيل الإعلان عن قضية إستعمالها لبريدها الإلكتروني الخاص في مراسلاتها أثناء قيامها بعملها كوزيرة للخارجية ، فالقضية التي فُتحت ولم تُقفل تتعلق بمدى مسؤوليتها عن الحادثة التي حصلت في ليبيا وأدت الى مقتل السفير الأميركي آنذاك بعد هجوم إرهابي على القنصلية ، وتضاربت المعلومات في حينها وبررت كلينتون موقفها بعدم تحملها المسؤولية الأمنية ، وهو ما لم يقتنع به الجمهوريون ولا يزالوا في نقاشاتهم يعودون الى ما بات يعرف بحادثة بنغازي ، وآخرهم النائب الجمهوري تراي غودي الذي إتهمها بإنها أحرقت الإثباتات حول موضوع بنغازي ومقتل السفير ، وعندما لا تقول عن حسابها كما عن أشياء أخرى فهناك أزمة ثقة  .
كلينتون ، التي تدرس خطواتها وتُقل من الكلام كي لا تقع في الخطأ، كانت قامت بحملة السنة الماضية أثناء نشرها لكتابها ” خيارات صعبة ” الذي تتحدث فيه عن مراحل في حياتها الخاصة والسياسية العامة ، إلا أنها لم تدرس خطوتها اليوم بإخفاء مراسلاتها البريدية ، وهو ما يُعتبر إخفاء للحقائق ، عبر إستخدام بريد خاص في موقع حساس كالذي شغلته كوزيرة للخارجية ، وهي لم تقدم الآلاف من الصفحات من المراسلات ، لو لم يتم الكشف عنها إعلاميا ، كما إتهمها مباشرة منافسها المفترض الجمهوري جيب بوش ، الذي قال إنها كان يجب أن تقدمهم منذ البداية لا أن تنتظر ، وهو قال  إنه عندما كان حاكما لولاية فلوريدا ، قدم كل مراسلاته لتكون على الموقع الإلكتروني  في متناول الجميع .
أما السيناتور الجمهوري راند بول ، والطامح أيضا الى كرسي الرئاسة ، فقال ساخرا ، إنه يقدم نصيحة الى كل من يفوز في إنتخابات الرئاسة في العام 2016 ” لا تستعمل بريدك الخاص ” . بول إتهم كلينتون بخرق القانون بدل إستخدام البريد الإلكتروني الخاص بنظام وزارة الخارجية معتبرا أنه ” سيكون صعبا عليها تجاوز هذه الأزمة ” مضيفا ” علينا أن نكون تحت القانون ، أنا أخضع للقوانين رغم أنني لا أوافق عليها دائماً ” .
كلينتون التي حاولت عبر خطوتها تقديم خمسين ألف ورقة من المراسلات والوثائق ،  أن تتجاوز التداعيات نتيجة هذه الخطوة ، إلا أنها لم تنجح بحسب إستطلاعات الرأي ، التي رأت أن 44 بالمئة لديهم فكرة غير جيدة عن كلينتون بعد أن كانت 38 بالمئة أي بزيادة 6 في المئة ، والأخطر هو ما قاله 58 بالمئة من المستطلعين بأن الذي تفكر به غير ما تفعله  ، وهنا تطرح مسألة الثقة والشعور بنوع من الغموض حول ما تقوم به حتى لدى الديمقراطيين الذين رأى 68 بالمئة منهم أنها قامت بما عليها أن تفعله ، فيما قال 30 بالمئة إنه كان عليها أن تفعل أكثر .
عندما إستقالت هيلاري كلينتون وتركت مكتبها في الخارجية ، تزايدت شعبيتها كونها قُدمت كضحية للأحداث ، وهي رغم كل ما حصل فقد تراجعت الى نسبة 53 بالمئة أي كما كانت في العام 2008 ، فيما كانت وصلت في العام 2011 الى 69 بالمئة . بالطبع كلينتون أخطأت في عدم تقديم الأوراق لا سيما أنها تعلم أن الجمهوريين ينتظرون أي تصرف في غير محله لاستغلاله خاصة أنها كانت متفوقة في الإستطلاعات ولو بنقاط محدودة عن أي مرشح جمهوري ” وبالطبع لن تمر أو تُمرر هذه الحادثة من دون أضرار ولو جانبية ، إلا أن السؤال يبقى هل تستطيع  هيلاري تجاوز هذه الثغرة التي فُتحت حول مسألة الشفافية وتعيد الثقة المفقودة  قبل ربيع العام 2016 موعد بدء الحملة الإنتخابية ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *