أوباما – نتانياهو : زواج بالإكراه

najat-charaf-dineنحاة شرف الدين – واشنطن (خاص)

لم ينتظر رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي جون بينير هدوء العاصفة، بل إختار توقيت نهاية الشهر الحالي ، ليرد الزيارة  لصديقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو  وتهنئته بالفوز في الانتخابات ، كما للتهيئة لحملة جديدة ثنائية  بين الرجلين ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما ، وفي توقيت إيراني بامتياز ، مع نهاية الوقت المحدد لتوقيع على إتفاق مبدئي في 31 آذار .
من الواضح أن نجاح نتانياهو في الانتخابات ، أغضب الرئيس الأميركي الذي كان يأمل بتخفيف الضغط عنه في هذه المرحلة القصيرة التي تفصله عّن موعد الانتخابات المقبلة والتي يريدها بأقل خسائر ممكنة ، وهو ما فسره البعض  من خلال التأخير بالاتصال الهاتفي يومين لتهنئته بالفوز ، كما من خلال المقابلة التي أجراها مع صحيفة هافنغتون بوست التي أكد فيها على إعادة تقييم العلاقة مع إسرائيل بناء على الطرح الجديد لنتانياهو برفض حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ، وهو المشروع الذي إلتزمه الرئيس أوباما وحاول العمل عليه، وقام وزير خارجيته جون كيري بجولات مكوكية عديدة بلغت 19 زيارة من أجل إقناع الإسرائيليين بوقف الإستيطان وإعادة المفاوضات ، إلا أنه فشل في محاولاته  .
يجمع العديد من المحللين والمراقبين على إعتبار أن العلاقة ولو خضعت لإعادة بناء بين أوباما ونيتانياهو، فهي لن تتحسن ، ويذهب البعض الى القول ، إن تحول العلاقة الى شخصية بين الرجلين عرقل الأمور أكثر ، وهو ما عبر عنه المستشار السابق للامن القومي والكاتب إليوت إبرامز عندما قال ” شخصان لا يحبان بعضهما البعض وذهبوا بعيدا في حربهم ، إنه أسوأ وقت وصلت فيه الأمور الى هذا المكان ” . أما نائب رئيس مركز ويلسون آرون ميللر ، الذي يعتبر أيضا أنه لا يمكن إصلاح العلاقة بين الرجلين فيتساءل ماذا يفعلون ؟ عقوبات لإسرائيل ؟ بالطبع لا . من جهته ، السيناتور الجمهوري جون ماكين ، الذي يعتبر أن أوباما عليه أن يتجاوز هذه المرحلة مع من يسميه ” بيبي ” وكانت إنتخابات حرة في إسرائيل ، دعا  الرئيس أوباما الى ترك الأمور الشخصية جانبا .
على الرغم من الإجماع بشأن عدم تأثير هذه العلاقة على موقع إسرائيل ومساعداتها لا سيما العسكرية والأمنية التي تتلقاها من أميركا، إلا أن البعض تخوف من الموقف في الامم المتحدة ، وهو الفيتو الذي تمارسه أميركا دوما فيما يتعلق بموضوع الدولة الفلسطينية، وإمكانية أن لا يكون ذلك واردا في حال تم طرح الموضوع مجددا ، ولذلك رأى البعض أن توضيح وتصحيح موقف نتانياهو فيما يتعلق بموضوع الدولتين ومحاولة القول ،دولة قابلة للحياة أو يمكنها العيش ، هو التفاف على الموقف الذي أعلنه في الانتخابات لتمرير الوقت المتبقي من ولاية الرئيس الأميركي الثانية حتى العام 2016 .
يبدو أن المزيد من الضغوط سيتلقاها أوباما في السنتين المقبلتين ، وهو ما سيزيد من الضغط عليه من الجانب الجمهوري أيضا في الكونغرس ، عبر العلاقة التحالفية بين بينير ونيتانياهو ، الذي كان في الثالث من الشهر الحالي ضيفا وخطيباً عالي اللهجة باتجاه أوباما على خلفية التفاوض مع إيران والاتفاق الممكن . ويبدو أن أوباما وعلى الرغم من إعادة النظر في العلاقة مع حليفه اللدود ، إلا أنه لن يكون بمقدوره العمل مع نتانياهو بغياب أي أجندة بين الرجلين المختلفين على كل القضايا .
الإدارة الأميركية ليست فقط غاضبة من إعادة انتخاب نتانياهو، بل تعيش أزمة حقيقية تتعلق بتسويق مشاريعها وعلى رأسها ملف المفاوضات مع إيران في الوقت الفاصل عن نهاية الشهر ، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة حول تأثير الضغط الثنائي من الكونغرس ونيتانياهو على أي قرار يتعلق بالاتفاق مع إيران الذي يريده أوباما إرثاً لمسيرته في السياسة الخارجية . هي علاقة ود مفقود بين الرجلين منذ ست سنوات، ومن الصعب تغييرها بوجود الرجلين كل في مكانه ، وهي بحسب توصيف أحد المعلقين يمكن إختصارها بتعبير  ” زواج بالإكراه ” حتى مغادرة أحد الطرفين لمكتبه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *