حروب أهلية طويلة

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

أبلغت المملكة العربية السعودية حليفتها الولايات المتحدة عن موعد العملية العسكرية بتوجيه ضربات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن ، قبل ساعات كما أشارت صحيفة الواشنطن بوست ، وأبدت واشنطن دعمها الإستخباراتي للعملية كما قامت طائرة هليكوبتر أميركية بإنقاذ طيارين سعوديين سقطا من طائرة أف 15 . هذا التطور المفاجىء برأي العديد من المراقبين ، والذي جاء في توقيت دقيق قبيل نهاية المهلة المحددة للاتفاق المبدئي مع إيران في نهاية الشهر الجاري ، وبتحالف أشبه ب الناتو العربي كما وصفه أحد المعلقين ، أحدث تحولا في المشهد السياسي في المنطقة ستكون له تداعيات كبيرة وربما لفترة طويلة .
الموقف الأميركي من التطورات في المنطقة لم يفهمه العديد من المحللين والمعلقين خاصة أن الحوثيين ليسوا مصنفين كمنظمة إرهابية  كداعش لدى الأميركيين  ، وهو ما يمكن إختصاره بما سألته مذيعة CNBC كيلي إيفنس  لأحد الضيوف حول تطورات الأحداث في اليمن بقولها ” كيف ندعم الرياض ( أي نحن الأميركيون )التي تضرب الحوثيين ، الذين تدعمهم إيران ،وفي نفس الوقت نفاوض إيران حول برنامجها  النووي ونقبل بمحاربتها لداعش في العراق ؟ هذا السؤال أيضا طرحه زميل إيفنس في المحطة الاقتصادية تايلر ماتسن ، وهو يتبادر الى ذهن الكثيرين ، ويبدو أن هناك صعوبة في توضيح الموقف ،ومن الصعب الإجابة عليه ، سوى باعتبار أن إستراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما هي بعدم عودة الجنود على الأرض ،ولكن ببقاء النفوذ السياسي عبر المساعدة التدريبية أو الخبراء إضافة للسلاح ، وترك الحروب دائرة بعيدا عن حدود الولايات المتحدة وعدم السماح بوصولها الى الداخل الأميركي .
رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس وصف ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط بأنها حروب بالواسطة ستستمر لعقود وربما ثلاثين عاما ، وهو إعتبر أن السعودية شعرت أنها مهددة على حدودها ولذلك قامت بهذه العملية في اليمن ، إلا أنه تخوف من دخول داعش . هاس الذي دعا الى عدم التدخل اعتبر ان كل دولة ستختار طبيعة التدخل مشيرا الى أن العراق سينقسم الى ثلاث دول شيعية وكردية وسنية . موقف هاس لا سيما فيما يتعلق بالحرب الطويلة الأمد ، يلتقي مع العديد من التحاليل التي ترى في التطورات الأخيرة بداية مرحلة جديدة من الصعب ، حتى مع حصول إتفاق بين إيران والدول الست ، أن يتم تسويتها في المدى القريب ، وهي ستفتح الباب أمام تطورات لا يمكن إلا أن تؤدي الى مزيد من الدماء وبالتالي مزيد من التعقيدات في المشهد السياسي .
على الرغم من أهمية ما حصل في اليمن ، إلا أن الإعلام الأميركي الذي وجد صعوبة في شرح تعقيدات المشهد للأميركيين ، إكتفى بتوصيفها بحرب  شيعية سنية واحدة مدعومة من السعودية وأخرى مدعومة من إيران ، إلا أن المعضلة بقيت في الموقف الأميركي الداعم للطرفين ، فواشنطن  تدعم إيران في حربها ضد داعش في العراق، وتدعم السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن ، وهي إزدواجية لن يستطيع سوى رجل مثل أوباما ليس فقط أن يمررها بل وأيضا يبررها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *