حرب في اليمن وحوار في بيروت

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

عندما إندلعت الأحداث في سوريا ، وحصل الإنقسام السياسي الداخلي في لبنان بين فريقي الثامن والرابع عشر من آذار، بين داعم للنظام السوري وداعم للمعارضة السورية ،  خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بخطاب دعا فيه الى الإقتتال على الأراضي السورية ، وتحييد الساحة اللبنانية وعدم انتقال الحريق الى الأراضي اللبنانية . هذا الموقف الذي أثار جدلا واسعا حينها وكانت له تداعيات سياسية ، إنعكس توترا وجمودا، ولا يزال ،  في الملفات السياسية والإدارية للبلاد .
بعد تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام والتي جاءت لتعبئة الفراغ في المؤسسات  ، وتفاديا لتصريف الأعمال في الحكومة وغياب التوافق على إنتخابات رئاسية وتمديد ثان لمجلس النواب ، بدأ البحث في إمكانية إنطلاق الحوار مجددا بين حزب الله والمستقبل  لأن الطرفان يريدان إبقاء الحد الأدنى من الإستقرار في لبنان ، وبغياب التسويات الكبرى التي يمكن أن تؤدي الى إتفاق على إعادة تكوين السلطة . بدأ الحوار وأُبقيت  الملفات الخلافية خارج جدول اعمال النقاش وعلى رأسها الأحداث في سوريا .
في هذا الوقت ، دخلت أحداث اليمن كعنصر خلافي جديد في الداخل اللبناني بين حزب الله والمستقبل ، وتصاعدت التصاريح والخطابات ، بعد أن إتخذ الحزب موقفا داعما الحوثيين في اليمن ودعم تيار المستقبل موقف المملكة العربية السعودية والتحالف في حربه ضد الحوثيين . التطورات اليمينية زادت التوتر في الشارع الداخلي ، المتوتر أصلا على خلفية أحداث سوريا ، وظهر الإنقسام في الإصطفاف ضمن المحاور الإقليمية .
على الرغم من دخول حزب الله في الحرب السورية ، وخسارته لمئات الشباب في هذه الحرب ، إلا أن السيد نصر الله أبقى على خيط رفيع في العلاقة مع السعودية ، ولم تصل في أي مرحلة سابقة الى الهجوم على العائلة الحاكمة في المملكة ، كما حصل في خطابه الأخير في الشكل والمضمون وحتى اللهجة التي حملت تهديدا مبطنا ، وهو ما إستدعى ردا من الرئيس سعد الحريري الذي وصف كلام نصر الله  بالتلفيق وحياكة التحريف والتضليل لكنه أضاف أن التصعيد المتواصل لحزب الله لن يستدرجنا الى مواقف تخل بقواعد الحوار والسلم الأهلي .
صحيح أن اللهجة الخطابية كانت قاسية وهجومية ، وصحيح أن التصعيد مع المملكة بلغ درجة عالية من التصعيد ، إلا أنه يبدو أن أحدا من الأطراف الداخلية ، وبالتحديد المستقبل وحزب الله ، لا يود الدخول في فراغ كامل على مستوى المؤسسات  ، ولذلك فإن الحد الفاصل يبقى حكومة الحد الأدنى في انتظار نضوج الظروف لتسوية تكون أقل من طائف وأكثر من دوحة ، تعيد تشكيل النظام السياسي ، والتي لا تزال بعيدة . هو توازن بين الحرب والحوار يحفظ الحد الأدنى من الحكومة  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *