الزعامة الحريرية المعتدلة

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

بهدوء تلقى وزير الداخلية نهاد المشنوق الحملات الشمالية النيابية والسياسية ، على خلفية الخطوات والإجراءات التي قام بها في سجن رومية فيما يتعلق بالسجناء الإسلاميين . هذه الحملات التي صدرت على لسان النواب محمد كبارة وقبله خالد الضاهر إضافة الى التظاهرات التي قام بها أهالي السجناء أمام منزل الوزير أشرف ريفي مطالبين باستقالة الوزير المشنوق ، جاء الرد عليها عليها من الدعم الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري ومن واشنطن للوزير المشنوق في خطواته كما من البيان الذي أصدره الرئيس فؤاد السنيورة الذي إعتبر أن كلام النائب كبارة لا يمثل تيار المستقبل ولا يعبر عن رأي الكتلة لا من قريب ولا من بعيد مضيفا أن الوزير المشنوق يمثل تيار المستقبل في الحكومة ويحظى بثقة الكتلة ودعم الرئيس الحريري .
الموقف الداعم للحريري لكافة الخطوات التي قام بها الوزير المشنوق في وزراة الداخلية من الخطط الأمنية في طرابلس والشمال وصولا اليوم الى الضاحية ،  الى إلقاء القبض على الشبكات الإرهابية وعملية التنسيق بين الأجهزة الأمنية ونقل السجناء في سجن رومية وإعادة تأهيل المبنى ، شكلت مؤشرا واضحا الى الخط الذي أراد الحريري إظهاره في هذه المرحلة الدقيقة من المتغيرات في المنطقة وتداعياتها على لبنان ، حيث أكد من واشنطن أثناء زيارته
«الدعم الكامل للقرار الذي اتخذه وزير الداخلية والعمل الشجاع الذي قامت به القوى الامنية وشعبة المعلومات حيث تمّ انهاء الحالة الشاذة وإعادة الامور الى طبيعتها»، مضيفاً: «ليس المطلوب كما يحاول البعض التهاون مع أي حالة تمرد واعطاء جوائز ترضية لمن يقوم بها»، مكرراً دعمه «للجيش وقوى الامن الداخلي في المهمات التي يقومون بها للمحافظة على الامن ومحاربة الارهاب في كل لبنان».
الحريري الذي كان حريصا على إستمرار الحوار في الداخل اللبناني من خلال اللقاءات مع حزب الله في عين التينة برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ، أراد أيضا ومن واشنطن ، كان حريصا أيضاً على توجيه رسالة بوجه التطرّف بكل أنواعه ” السني والشيعي ” داعيا ” الى سياسة دولية واضحة لدعم أصوات الإعتدال في المنطقة ” معتبرا لبنان ” النموذج الذي يجب أن يحتذى به في المنطقة ” .
على الرغم من التوتر السياسي القائم في لبنان بين تيار المستقبل وحزب الله ، على خلفية الملفات الخارجية من سوريا الى اليمن ، إلا أن الطرفان أرادا الحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار عبر المؤسسات الأمنية من الجيش اللبناني الى فرع المعلومات وقوى الأمن والأمن الداخلي ، بإدارة حكومية من الطرفين بغياب التسويات السياسية التي يمكن أن تعيد تكوين السلطة السياسية بدءا من  رئاسة الجمهورية .
هي مرحلة يعيش فيها لبنان على إيقاع تطورات المنطقة بأقل الخسائر أو الحرائق الممكنة ، وهي مرحلة أراد من خلالها الرئيس الحريري إعادة إنتاج تيار المستقبل بزعامة تحمل لواء الإعتدال السني في مواجهة التطرّف ، في محاولة لإعادة إنتاج الزعامة الحريرية على قاعدة كان أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، فهل لا يزال النموذج اللبناني صالحا في زمن تغيير الخرائط في المنطقة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *