بالتيمور تبحث عن العدالة … بالأمل

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين
عندما خرجت المدعية العامة في بالتيمور ماريلين موسبي لتعلن عن توجيه الإتهام لستة من رجال الشرطة، من المركز المسؤول عن توقيف وقتل الشاب الأسود فردي غراي ، صفق لها المتظاهرون الذين كانوا ينتظرون منذ أيام كيفية معالجة هذه الحادثة التي أثارت الغضب العارم لدى الشباب في المدينة ، وهو ما أدى أيضا الى سقوط 98  جريحا من رجال الشرطة بحسب ما أعلنت ، أثناء المواجهات مع المتظاهرين خلال أسبوع .
موسبي التي دعت المتظاهرين الى الحفاظ على الهدوء قالت ” إن الشرطة أوقفت غراي بشكل غير مشروع لأنه لم يتم إرتكاب أي جريمة ” ، وهو الموقف الذي إنعكس إرتياحا لدى عائلة غراي وأصدقائه ، من دون أن يوقف التحركات في إنتظار إنتهاء التحقيقات مع المتهمين الستة ،( والمفارقة أن ثلاثة منهم من السود وثلاثة من البيض ) ، وإصدار الحكم بحق من تثبت إدانته.
وعلى الرغم من التغيير الذي شهدته مدينة بالتيمور  منذ إنتفضت بعد مقتل داعية حقوق الإنسان مارتن لوثر كينغ ، وعلى الرغم من التغيير الديموغرافي الذي حدث ما أدى الى تجاوز مسألة التمييز العنصري بوجود 63  بالمئة من سكانها من السود ، وهم ممثلون في كافة مجتمعاتها في جهاز الشرطة والبلدية ومؤسساتها الإدارية  ، إلا أنها إشتهرت بنسبة الجرائم التي تصل الى 37 بالمئة مما يجعلها من أخطر المدن .
الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي مشى منذ شهرين في  ذكرى خمسين عاما على الأحد الدامي عابرا جسر أدموند بيتس  في مدينة سلما في ولاية آلاباما ، قال  بعيد الحادث أن “هناك بعض أفراد الشرطة لا يفعلون الشيء الصحيح”، وتابع “أعتقد أن على بعض أقسام الشرطة مراجعة نفسها، وأعتقد أن على بعض المجتمعات مراجعة نفسها، وأعتقد أن علينا كبلد مراجعة أنفسنا”.
مما لا شك فيه ان العنف الذي جرت ممارسته من قبل رجال الشرطة ، أحدث غضبا عارما في الشارع وليس فقط في بالتيمور حيث شهدت نيويورك وواشنطن وبوسطن تظاهرات إحتجاجية نتيجة تراكمات من أعمال العنف يقوم بها رجال الشرطة ضد الشبان السود ، كما حدث قبلها في فيرغسون عندما أطلق الشرطي النار على مايكل براون وقتله ، وإعتبر يومها القضاء المحلي أن الشرطي تصرف دفاعا عن النفس .
في مقاله في النيويورك تايمز  تحت عنوان ” العرق ، الطبقة والتهميش ” يعتبر الكاتب والإقتصادي بول كروغمان أن هناك إمكانية لتجاوز حالات عدم المساواة عبر الفرص وهو قال ” الفقر لا يحتاج الى محاضرات بالإخلاق بل يحتاج الى مصادر ونستطيع تحمل تأمينها وفرص إقتصادية أفضل نستطيع أيضا تحمل تقديمها . بالتيمور وأميركا ليست بحاجة أن تكون غير عادلة كما هي الآن ” .
بعد سلسلة الأحداث في أكثر من ولاية مما أعاد شبح العنصرية الى أذهان الأميركيين ، وبعد الغضب العارم الذي عّم العديد من الولايات نتيجة ما حدث مؤخرا في بالتيمور ، يبدو أن الأمل الوحيد لهذه المدينة كما للسلطة السياسية ، هو بمعالجة الترسبات العنصرية والعنف غير المبرر ، عبر قرارات قضائية عادلة تعيد الثقة المفقودة بين السود والشرطة نتيجة المعالجات غير المقنعة التي جرت سابقا في أكثر من ولاية وليس آخرها فيرغسون   ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *