” صحوات ” أوبامية سنية كردية

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

لم ينتظر رئيس إقليم كردستان مسعود البرازاني طويلا ، بعد قرار الكونغرس الأميركي لمشروع القانون بشأن التعامل مع الأكراد والسنة في العراق كدولتين ، وتقديم المساعدات العسكرية والمالية مباشرة دون المرور عبر الحكومة العراقية ، حتى أعلن ومن واشنطن وبعد لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما ، أنه حصل ” على تطمينات كاملة على مستوى الدولة بألا تصل الأسلحة الى كردستان متأخرة من الآن فصاعدا ” وأكد أن ” الإستفتاء على مصير إقليم كردستان سيجرى في جميع المناطق التي تم تحريرها من قبضة داعش وتخضع حاليا لسيطرة البشمركة مطالبا بإرسال الأسلحة مباشرة الى هذه القوات ” .
زيارة البرزاني الواشنطونية  ، كان سبقها زيارة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي  في 14 نيسان الماضي وهي الأولى له بعد تسلمه منصبه حيث إلتقى الرئيس أوباما وعدد من المسؤولين الأميركيين  ، إلا أنه لم ينجح بالحصول على المساعدات العسكرية العاجلة ومنها 34 مقاتلة من طراز أف 16 كان العراق طلبها من خلال إتفاقية الإطار الإستراتيجي والموقعة في العام 2008 . العبادي الذي رفضت حكومته قرار الكونغرس معتبرة أنه سيؤدي الى مزيد من الإنقسامات في المنطقة ، يحاول تحييد حكومته عن الإتهامات التي تلقاها نتيجة الدعم الإيراني العسكري الواسع والتي كان آخرها في تكريت وظهور قاسم سليماني وما نقل عن الميليشيات الشيعية التي مارست عمليات إنتقامية وتجاوزات بحق المواطنين السنة .
قرار الكونغرس رفضه أيضا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر معتبرا أن هذه الخطوة تمثل بداية للتقسيم العلني للعراق مطالبا برد حكومي وبرلماني حاسم وصارم ضد إستصدار هكذا قرار .
وعلى الرغم من الإعتراضات العديدة ، مر القرار في الكونغرس من دون إعتراض ومن دون ضجيج ، حتى من الرئيس  أوباما الذي يستطيع رده أو إيقافه  إذا أراد ذلك ، إنما يبدو أن تأثيرات نظرية صديقه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حول الفدراليات الثلاث في العراق الشيعية والسنية والكردية ، قد ساهمت في غض نظر الرئيس أوباما إضافة الى  الخطأ الذي كان إرتكبه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ، بالإستغناء عن مجموعات  ” الصحوات ” السنية التي كانت الولايات المتحدة الأميركية قد شكلتها من القبائل وقدمت لها السلاح والمال لمساعدتها في حربها على القاعدة  ، وهو ما فُسر كأحد الأسباب لصعود داعش وسيطرتها على  مناطق عدة من العراق .
القرار الأميركي الجديد بالتسليح وتقديم الأموال يشبه الى حد ما تشكيل صحوات ولكن هذه المرة بشكل واسع وفي مناطق تواجد الأكراد والسنة من أجل مواجهة داعش ، التي تجد أميركا حرجا لمواجهتهم فقط عبر الميليشيات الشيعية ، وتعتبر أن دخول السنة يشكل عاملا مهما وأساسيا في المعركة بعد نجاح الأكراد أيضا في هذه المواجهة لا سيما في منطقة كوباني الشهيرة القريبة من تركيا .
صحيح أن القرار سيكون بحاجة للوقت للتنفيذ فعليا ، إنما الصحيح أيضا أن ” الصحوات ” الأوبامية  الجديدة السنية والكردية ستكرس واقعا من الصعب تجاوزه في المستقبل ، كما من الصعب منعه من التمدد الى المناطق المشتعلة في المنطقة في سوريا واليمن وغيرها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *