أوباما و…التوازن المستحيل في كامب ديفيد

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

على الرغم من المحاولات العديدة التي قامت بها الإدارة الأميركية من أجل إستيعاب مسألة غياب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عن قمة كامب ديفيد المخصصة للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي ، إلا أن العديد من المراقبين والمحللين لا سيما في الصحافة الأميركية ومراكز الأبحاث توقفوا مليا عند هذا الموقف ، الذي لم يُبرر بسبب وعكة صحية ، كما لم يتصل الملك شخصيا بالرئيس الأميركي بل إكتفى باتصال وزير الخارجية عادل الجبير لإبلاغهم بغياب الملك عن الإجتماع ، والذي جاء  بعد إعلان البيت الأبيض عن لقاء سيجمع الرئيس أوباما مع العاهل السعودي في البيت الأبيض قبيل إجتماع كامب ديفيد  ، وهو ما إعتبره البعض إستمرارا لحالة غضب الرياض من الإدارة الأميركية بشأن علاقتها مع إيران ومؤشرا لإحباط سعودي تجاه ما كان البيت الأبيض يريد أن يطرحه في القمة بشأن طمأنة بلدان الخليج حيال الموقف الأميركي الداعم للحلفاء إزاء إيران .
في القراءة والتحاليل ، ذهب بعض المراقبين الى إعتبار أن غياب الملك حمل إيجابية أساسية هي اللقاء والإستماع لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، الإبن المفضل لدى الملك والذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع ، وهو الأمير الشاب الذي أدار الحملة العسكرية السعودية ضد الحوثيين في اليمن ، وهي فرصة لمعرفة خططه الأخرى المتعلقة بالسياسة الإقليمية لا سيما في سوريا والحملة ضد داعش ومواجهة التطرّف .
في الجانب المقابل ، أشاعت أوساط الوفد السعودي جوا إيجابيا لنتائج القمة،  وهو ما عبر عنه وزير الخارجية عادل الجبير الذي إعتبر أن المحادثات كانت صريحة ومباشرة ووصف القمة بالتاريخية وغير المسبوقة مشيرا الى مسائل أساسية تم الإتفاق عليها وهي تعزيز التعاون العسكري ومواجهة الإرهاب والتعامل مع التحديات وعلى رأسها تدخلات إيران في شؤون المنطقة .
هذا الموقف عبر عنه أيضا مساعد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد العزيز العويشق ، الذي أعلن أن دول الخليج تأكدت من ولاء الولايات المتحدة في مجال الأمن الإقليمي وكون واشنطن لن تتخلى عن حلفائها العرب للتقرب من إيران مؤكدا أن إجتماعات للجان دفاعية وأمنية مشتركة بين أميركا ودوّل المجلس ستنعقد سريعا لمتابعة القمة وستركز على نشر شبكة صواريخ وتركيز أجهزة إنذار مبكّر .
إختتم أوباما القمة بتعهدات أمنية وعسكرية لحماية أمن الخليج في حال تعرضه لإعتداء خارجي من دون تقديم   إلتزامات ملموسة تُبدد المخاوف الخليجية ، فبقيت هذه التعهدات غير كافية لا سيما في موضوع زعزعة الإستقرار الداخلي . هو يريد إتفاقًا نوويا مع إيران ومُصر على إنجازه ، ويريد في الوقت نفسه من دول الخليج تقبل هذا الإتفاق في محاولة لإيجاد توازن هو أشبه بالمستحيل ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *