أوباما يبحث عن … الشريك

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

عندما سيطرت الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) على الموصل العام الماضي ، إرتفعت أصوات عديدة  تدعو الى عدم التدخل في الوحول العراقية وفي الحروب الأهلية التي ستستمر عقودا،  ومنهم المعارض لحرب العراق والمسؤول السابق عن مكافحة الإرهاب ريتشارد كلارك الذي قال حينها ” لا تتدخلوا  لأن ذلك يعني أن الإدارة الأميركية تتدخل لصالح طرف ضد الطرف الآخر ، لأن هناك تعاطفا من البيئة السنية في المناطق التي تتواجد فيها داعش ” . هذا الموقف لم يمنع ما قامت به واشنطن من تحالف دولي لمواجهة داعش عبر الضربات الجوية وإرسال مستشارين وخبراء لمساعدة الجيش العراقي كما لتدريب الأجهزة الأمنية العراقية .
اليوم وبعد أقل من عام على هذا التحول في خرائط المنطقة ، ومع سقوط الرمادي على أيدي داعش ، وجه وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إنتقادات حادة للقوات العراقية يحملهم فيها مسؤولية ” الفشل في المعركة ” من خلال عدم  القتال والانسحاب معتبرا”  أن ليس لديهم رغبة في القتال ”  مما يشير الى مشاكل أعمق مع القوات العراقية  رغم تأكيده في الوقت نفسه على إستمرار دعم الإدارة الأميركية للقوات العراقية عبر التجهيز والتدريب . في المقابل طالب رئيس لجنة الشؤون الأمنية والعسكرية في مجلس الشيوخ جون ماكين ، بزيادة أعداد القوات الخاصة على الأرض في العراق الذين يساعدوا في جعل الضربات الجوية أكثر فاعلية مشيرا الى ” أن 75 في المئة من الطلعات الجوية في العراق وسوريا تعود من دون رمي السلاح أو القنابل بسبب عدم التأكد لأن الهدف متحرك ”   .
على الرغم من التراجع الذي حصل في الرمادي ، يصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الخسارة بأنها ” تراجع تكتيكي ” وهو قال ” إن الإدارة الأميركية لن تغير في إستراتيجيتها ” . أوباما الذي كان حريصا العام الماضي بعد السيطرة على الموصل على البحث عن الشريك السني في التحالف الدولي من أجل مواجهة داعش ، وهو حمّل جزءا من المسؤولية لما حصل يومها لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي بدوره في إفشال ” الصحوات ” التي كانت تضمن الإستقرار في المناطق ، يبدو أنه عاد السؤال نفسه ليُطرح مجددا من خلال سقوط الرمادي ، وهو ما إعتبره بعض المراقبين دليلا ربما على أن بعض القبائل السنية لا تريد محاربة داعش عن الشيعة المسيطرين على الحكومة العراقية في بغداد ، التي  تضطهدهم (أي السنة )  .
في مقابلته مع مجلة أتلنتك قال الرئيس أوباما ” إن السؤال المهم اليوم هو كيف يمكن أن نجد شريكا فاعلا ليس فقط في العراق وإنما في سوريا واليمن وليبيا ، الذي يمكن أن نعمل معه ” . هذا السؤال طرحه أيضا العديد من الكتاب والمحللين في قراءتهم للوقائع على الأرض بعد عام على سقوط الموصل وتواصل التراجع رغم الضربات الجوية ، ومنهم من إعتبر أن الجيش أضعف مما تصورت الحكومة الأميركية ولذلك حدث هذا الإنهيار غير المتوقع  ، ومنهم من ذهب الى القول بأن  داعش لم تفقد القدرة رغم الضربات الجوية وصولا الى من يشير الى حرب العقود التي تحتاج تدريب كبير للقوات العراقية على التقنيات الجديدة كما على الطيران الذي كان من المفترض أن يصل الى العراقيين وبالتالي فمن غير الواضح إذا ما كان بالإمكان تجهيز وتدريب العدد الكافي من العراقيين في الأشهر أو السنوات المقبلة .

صحيح أن أوباما ومنذ العام الماضي حدد أهدافه بالعمل لإضعاف داعش وليس القضاء عليها” وصحيح أن هذه السياسة لا تزال مستمرة ، إلا أنه وبعد تشكيل التحالف الدولي والعمل معه وتشكيل تحالف  دولي آخر في اليمن ، لا يزال أوباما يبحث عن الشريك … السني !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *