استراتيجية التحالف… الانتظار والانتظار

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين
بعد مرور عشرة أشهر على تشكيل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم  داعش ، إلتقى ممثلو الدول المشاركة في التحالف في باريس لمناقشة إستراتيجية جديدة تجاه التطورات على الأرض نتيجة التمدد المستمر للدولة الإسلامية والذي تجاوز الموصل وصولا الى الرمادي إضافة الى الأراضي السورية ولا سيما تدمر ، في محاولة للبحث في الثغر في الإستراتيجية وفعالية الضربات الجوية ، كما في أسباب عدم نجاح الجيش العراقي في المعارك على الأرض ولجوءه الى الحشد الشعبي الذي سيكون له تداعيات على الواقع السياسي في العراق .
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي حضر الإجتماع حمّل مسؤولية الفشل للعالم بأسره عندما قال ” أعتقد أنه فشل للعالم بأسره وفي ما يتعلق بدعم العراق الكلام كثير لكن الأفعال قليلة على الأرض . العبادي الذي طالب بالسماح له بشراء الأسلحة قابله موقف روسي يدعو الى تنسيق ضربات التحالف مع الجيش السوري ، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوله ” من الواضح أن عدم التنسيق الغارات الجوية مع أنشطة الجيش السوري كان خطأ ولا يزال معتبرا ” أن هذا ما يرفضه أصدقاؤنا الأميركيون لإعتبارات إيديولوجية ” .
يتفق المجتمعون على أن الإستراتيجية كانت خاطئة وأن الإنتصارات التي حققتها داعش أظهرت محدودية الإجراءات التي إتخذها التحالف كما يتفقون على إختلاف الأجندات بين الدول الستين التي إجتمعت في باريس مما يجعل السياسة التوافقية صعبة وهو ما يجعل مجددا الإتفاق على إستراتيجية تشكل تحولا في الصراع أصعب ، خاصة في ظل عدم التوافق بالنسبة لسوريا حيث التحالف منقسم في موضوع بشار الأسد فمنهم من يرى أن إنهيار النظام اليوم يؤدي الى الفوضى وفي المقابل هناك من لا يريد التفاوض مع النظام الذي يحظى بدعم من إيران ، التي بدورها تشكل أزمة بالنسبة لدول التحالف بدورها على الأرض كما بغياب  فعالية القوى المعتدلة على الارض التي يمكن الإعتماد عليها ومن هنا تبرز أهمية الحل السياسي الذي يبدو أنه لا يزال بعيدا .
وفي العراق يسعى التحالف لإقناع الحكومة العراقية بمشاركة السنة في الحرب ضد داعش لوضع حد للتمدد داخل المناطق السنية وهو من البنود التي كان التحالف قد طلبها من الحكومة العراقية عند وضع الإستراتيجية لكنها لم تنجح حتى الآن . هذا الموضوع مرتبط أيضا بموقف دول الخليج من التدخل الإيراني في العراق مع تزايد النفوذ الإيراني عبر الميليشيات الشيعية والتي تُعرف بالحشد الشعبي مما يزيد الأزمة ، في وقت يرى البعض ومنهم الولايات المتحدة أن الدعم العسكري من إيران لا بد منه لمحاربة داعش ، وهو ما حصل بغض النظر مرات عدة عن وجود قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق .
يبدو أن التغيير في الإستراتيجية سيقتصر على ما صدر في البيان من الدعوة الى هزيمة داعش مع إختلاف وجهات النظر ، وهو يحمل تأويلات عديدة في الفترة الزمنية التي تبدو مفتوحة مع حديث الأميركيين عن ثلاث سنوات على الأقل ، إضافة الى تعزيز العمليات الخاصة المحددة الأهداف التي ينفذها الأميركيون وبالتالي فإن ما يمكن أن يحصل هو إنتظار الوقائع مجددا على الأرض وهذا يعني أن الإستراتيجية الجديدة ستكون .. الإنتظار .

Sent from my iPad

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *