البوتينية اللبنانية

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

منذ الدخول العسكري الروسي الى سوريا، لم تهدأ التصريحات والمواقف المؤيدة كما المعارضة للخطوة الروسية بقيادة ” القيصر ” فلاديمير بوتين . بوتين الذي أصبح رمزا للقوة والرجولة للكثيرين من محبيه ومعجبيه، إضافة الى صفاته الرياضية العديدة التي يتمتع بها ، وهو الذي إحتفل بميلاده الثالث والستين بلعبة الهوكي على الجليد، ليبعث رسالة جديدة عن مزاياه المتعددة في كافة أنواع الرياضة من البحر الى الجو وصولا الى الأرض . بوتين لم يدخل فقط الى سوريا، بل من خلال سوريا الى المنطقة عبر حلفاء سوريا، وهو ما تم الإعلان عنه من تحالف مع بغداد وطهران إضافة الى موسكو ودمشق .
الترددات القيصرية وصلت أصداؤها الى لبنان، فبدت النشوة على قيادات الثامن من آذار، التي بدأت ترسم ملامح المرحلة المقبلة سياسيا، إنطلاقا مما إعتبرته إنتصارا سيُوظف لصالحها، وذهب البعض حد الدعوة الى قبول التسويات السياسية المطروحة اليوم ، لأن الأيام المقبلة ربما سيكون من الصعب تمريرها، وهو تلميح بانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشكيل حكومة والإعداد لقانون انتخاب  . الوضع اللبناني وتعقيداته ، بغياب الأفق في هذه المرحلة نتيجة التباعد السعودي الإيراني والإنشغال الدولي بملفات مختلفة تشكل أولوية على الصعيد الأمني، يجعل من الصعوبة بمكان الإلتقاء وإتخاذ القرار لبنانيا من دون الدخول الإقليمي والدولي، غير المتوافر حاليا، وهو ما يجعل الأزمة اللبنانية في حالة الستاتيكو القائم والمُهدد في أي لحظة بالتفلت .
السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين الذي يجول هذه الأيام فيُستقبل بالأعلام الروسية وصور بوتين المنتشرة في كل مكان وموضوعة على صدور العديد من الشباب الذي يرى فيه القائد ، فإنه يدافع عن حرب روسيا ضد ” الإرهاب ” في سوريا ويعتبرها قضية عدالة  «لأننا نسعى الى إعادة التوافق في المجتمع العربي وتثبيت مبدأ العيش المشترك في دول تضمن حريات وحقوق الإنسان والمساواة من دون تمييز طائفي أو إثني»، مؤكدا على إستمرار الحرب حتى إحلال السلام في سوريا وعندها ” سوف يكون شعب لبنان مرتاحاً ويعيش من دون قلق وبسلامة وبرفاهية. من هنا، فإن مصلحة لبنان تكمن في الانتصار في سوريا، ولبنان شريك في هذه الحرب على الإرهاب، وما الإشادة بالجيش اللبناني وقوى الأمن سوى تأكيد روسي علني لذلك».
في تظاهرة التيار الوطني الحر على طريق قصر بعبدا يوم الأحد الماضي، والتي حملت شعار إعادة قرار الرئاسة الى الشعب ، سُئل أحد المشاركين عما يريده فقال ” أريد رئيسا مثل الرئيس بوتين وميشال عون هو بوتين لبنان ” . هذا المواطن لم يكن وحده، بل إرتفعت صور تجمع صورتي بوتين وعون ، في محاولة للقول بأن دخول روسيا العسكري الى سوريا ، يمكن أن يُدخل الجنرال الى قصر بعبدا .
يبدو أن لبنان سيكون مشمولا في محور نفوذ الرئيس بوتين ، بحسب ما يروج له المتعاطفون والمتحمسون من قوى الثامن من آذار، وهم يعتبرون أن التسوية التي ستأتي لاحقا ستكون بالضرورة،  متأثرة بنتيجة ما سيحصل في سوريا ، وهم يذهبون الى إعتبار أن التسوية المقبلة والتي أصبحت معروفة بأنها أقل من طائف وأكثر من دوحة ، سيكون عنوانها ” المؤتمر التأسيسي ”  وهذه المرة برعاية بوتينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *