العلم الأبيض فوق البيت الأبيض

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

منذ وصول الرئيس الاميركي باراك أوباما الى البيت الأبيض ، وضع في أولويات سياسته الخارجية إلتزام خارطة طريق لتحقيق إتفاق حول عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية، وعين موفدا خاصا هو جورج ميتشل الذي إستقال فيما بعد ، وفي كل مرة كان يُجابه برفض رئيس الوزراء الاسرئيلي بنيامين نتانياهو تجميد بناء المستوطنات إضافة الى حروبه المتكررة على غزة وقتل وجرح آلاف الفلسطينيين وتدمير أحياء بكاملها على أهلها.
كتب الكثير عن علاقة نتانياهو-أوباما المتردية والكيمياء المفقودة بين الرجلين ، وعلى الرغم من محاولة الإيحاء بعد كل لقاء بينهما بأن الأمور تسير بشكل طبيعي، عبر التحدث عن أمن إسرائيل أو مساعدات عسكرية إضافية ، إلا أن البرودة الظاهرة في العلاقة من خلال عدم التواصل الدائم ، ونظرتهم  المختلفة لبعضهم البعض ولقراءة الأحداث وهو ما بدا واضحا من خلال ملف النووي الإيراني وما رافقه من حملات قام بها نتانياهو ضد أوباما وكان آخرها في شهر آذار الماضي حين قدم خطابا ناريا في الكونغرس الأميركي فند خلاله خطورة توقيع الاتفاق مع إيران ، إلا أن مفعول الخطاب لم يدم سوى أشهر قليلة الى حين التوقيع على الاتفاق في شهر تموز الماضي .
ولعل أقرب توصيف للعلاقة بين أوباما ونيتانياهو هو ما قاله المبعوث الرئاسي السابق لعملية السلام مارتن إنديك لصحيفة نيويورك تايمز عندما قال ” لديهم علاقة مشحونة وهي تُغذى باعتقاد كل منهم أن الآخر يريد أن يحشره أو يعرقل سياساته أو يُفبرك له شيء أو يخربط مشاريعه ” وأضاف ” كل منهم لديه عدة تجارب شعر خلالها بأن الآخر لم يتعامل معه بإخلاص “.
زيارة نتانياهو هذه المرة لها أهمية كونها تأتي بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني ، بمعنى أن إوباما حقق الإنجاز الذي كان يريده في عهده ، وتأتي بعد تراجع الاهتمام العربي والدولي بالملف الفلسطيني بعد التطورات التي حصلت في المنطقة، وتوسع دوائر النزاعات في عدد من البلدان العربية ، كما تأتي بعد تخلي أوباما عن جهوده لتحقيق الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية خلال ولايته المتبقية ، وبالتالي فهو لا ينتظر تنازلا من نتانياهو لا في موضوع تجميد الاستيطان ولا في العودة الى المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ، ومطالبه لا تتعدى الاستماع الى مقترحات نتانياهو لتخفيف حدة التوتر مع الفلسطينيين ويريد أن ينهي عهده وهو الرئيس الأول من حيث مساعدة إسرائيل والوقوف الى جانبها كما أشارت صحيفة معاريف الإسرائيلية .
من جانبه نتانياهو، يأتي حاملا مطالب بزيادة المساعدات العسكرية من ثلاثة مليارات دولار وصولا الى خمسة مليارات ونوعية دفاعات جوية تحميه من الأسلحة التي يمكن أن تصل الى حزب الله وحماس كما قال ، إضافة الى ضمان المساعدات للسنوات العشر المقبلة . أما في موضوع الدولتين فهو غير وارد في أوراق نتانياهو الذي يعتبر أنه لا يوجد شريك للسلام في الجانب الفلسطيني .
سبع سنوات جمعت أوباما ونيتانياهو في علاقة الود المفقود ، إستطاع خلالها كل منهم تحقيق بعض من أهدافه وأخفق في البعض الآخر ، إلا أن ملف مفاوضات السلام وحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية إستطاع نتانياهو أن يرميه بالضربة القاضية مما جعل أوباما يتراجع ويرفع العلم الأبيض إستسلاما فوق البيت الأبيض..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *