باريس تجمع المحورين

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

بالتزامن مع بدء عمل حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول لعملها على ضفاف المتوسط ، عبر تنفيذ أولى ضرباتها على مواقع الدولة الاسلامية ، بدأ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لقاءاته الدولية من باريس مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والذي يُبدي حماسة للدخول في الحرب على داعش وينتظر قرار مجلس العموم وهو سمح لفرنسا باستخدام قاعدة بريطانية في قبرص ، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل قبيل توجهه للقاء نظيره الاميركي باراك أوباما في واشنطن ليلتقي يوم الخميس المقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .

هولاند الذي يحاول توسيع التحالف الدولي وتوحيده في مواجهة داعش ، بعد الاعتداء الإرهابي الذي شهدته باريس ويهدد أكثر من دولة أوروبية، يجهد من أجل جمع المحورين ، الاول تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، وهو الذي قام خلال العام الماضي بضربات بقيت محدودة النتائج على الارض ، والثاني بقيادة روسيا بعد دخولها العسكري المباشر في الحرب على الارهاب .
لن تكون مهمة هولاند سهلة في ظل تباين يتعلق بالعملية السياسية في سوريا ، لجهة مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد ، والذي عبر عنه بوضوح الرئيس أوباما مؤخرا في قمة آبيك في الفلبين عندما دعا الى القيام باختيار استراتيجي بين مساندة الأسد والحفاظ على وحدة الدولة السورية ، فيما جاء الرد من المحور الآخر خلال زيارة بوتين لطهران وبعد لقائه المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي بالتشديد على وحدة النظرة بشأن سوريا وسبل التعامل معها ورفض الاملاءات الخارجية على إرادة  الشعب السوري .
هولاند الذي كان يعيش  مرحلة نهاية عهده قبيل الاعتداءات الإرهابية الاخيرة على باريس ، عاد ليكون رئيسا على الساحات الدولية مسلحا بشعبية واسعة بعد استطلاعات الرأي التي جرت ومنحته ثقتها بإدارة هذه المرحلة ، وهو عازم على العمل خلال لقاءاته الدولية من أجل تقريب التوجهات في الحرب على الإرهاب الداعشي لتفعيل التحالف،  بالتوازي مع العملية السياسية من أجل إيجاد نقاط مشتركة تسمح بتفعيل  المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا.

على الرغم من التقارب الفرنسي الروسي والذي جاء من خلال تنسيق العمليات العسكرية بين البلدين ، والاتصال الهاتفي الذي جرى بين هولاند والرئيس الايراني حسن روحاني ، إلا أن إمكانية جمع الدول الفاعلة والمؤثرة من أجل  تكوين أجندة واحدة وعلى رأسها أميركا وروسيا وفرنسا وإيران وتركيا وبعض دول الخليج ، لن يكون سهلا ، في ظل أولويات كل منها في هذه المواجهة .
صحيح أن مواجهة داعش تحتاج الى توحيد الجهود الدولية بكافة مكوناتها من أجل التوصل الى نتائج فعلية ومجدية في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي ، وصحيح أن التباين في المواقف يمكن أن تستغله داعش في عملها ، إلا أن الصحيح أيضا أن اعتداءات باريس فتحت الباب واسعا أمام إمكانية جمع المحورين، بوجه عدو واحد هو داعش، ولو بأجندات مختلفة يمكن ان يستفيد منها كل من موقعه،  في وقت يتم فيه  رسم خرائط جديدة في المنطقة تتقاسم فيها هذه الدول نفوذها ومواقعها …

Sent from my iPad

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *